الرئيسية / مقالات رأي / هل تغزو روسيا أوكرانيا؟

هل تغزو روسيا أوكرانيا؟

بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- ما زالت الأحداث على الجبهة الأوكرانية- الروسية تتسارع، وأصبح شبح الاقتتال يلوح في الأفق مع محاولات دبلوماسية محمومة ترافقها تهديدات محسوبة لعدم الانجرار لحرب لا يُعرف إذا انطلقت شرارتها إلى أي مدى ستصل نارها. وما زاد من ضبابية الموقف وتعقيداته تدخل أقطاب عالمية كأمريكا ودول حلف “الناتو” في أتون النزاع، حيث اصطفت معظمها إلى جانب كييف، بينما في الطرف الآخر رأت الصين أن من حق موسكو الدفاع عن أمنها، عبر منع تمدد “الناتو” شرقاً.

 روسيا حشدت مئة ألف جندي على أقل تقدير، وسيّرت مئات الآليات والقاذفات الاستراتيجية والصواريخ على حدود الجمهورية السوفييتية السابقة، وقامت بمناورات مع حليفتها بيلاروسيا جارة أوكرانيا، وتستعد لتدريبات بحرية عسكرية في البحر الأسود وأخرى بقيادة بوتين تستعرض فيها أسلحة ردع، ما رفع منسوب التخوف الغربي، الذي يجزم بأن الغزو بات قاب قوسين أو أدنى؛ فأمريكا على لسان وزير دفاعها قالت: إن موسكو جمعت ما يفوق 150 ألف جندي وما زالت تحشد، وشككت إلى جانب دول أخرى في مصداقية روسيا حول إعلانها سحب قوات من الحدود، أو تأكيداتها المتكررة بعدم نيتها القيام بغزو.

 لكن هل ستغزو روسيا أوكرانيا؟ موسكو أكدت مراراً أن الحديث عن غزو هو مجرد هستيريا غربية، وتوقعات لا مكان لها في الواقع، ورأت أن تأجيجاً للنزاع واستفزازات قد تسهم في إشعال نار الحرب، حيث أكد الرئيس الروسي مراراً أن بلاده لا تريد الانجرار إلى المعركة، وفي نفس السياق فإن أوكرانيا أيضاً اعترضت على حجم التهويل الإعلامي، الذي يهز جبهتها الداخلية، رغم أنها لا تثق بالتحركات الروسية وتستعد للأسوأ.

 الموقف الروسي، والامتعاض الأوكراني، قد يُفسر على أن الغرب يدفع لتوريط روسيا في الحرب، من خلال “استفزازها” وعدم القبول بمطالبها، ورغم عدم الرغبة الروسية في دخول الحرب، كما تؤكد في كل محفل، إلا أن صبرها قد ينفد في ظل توعدها مؤخراً بالتحرك، ولو عسكرياً، في حال رفضت الولايات المتحدة مطالبها الأمنية الرئيسية، مكررة أنها تريد انسحاباً للقوات الأمريكية وقوات “الناتو” من وسط أوروبا وشرقها ودول البلطيق.

 روسيا تحاول تجنب الحرب التي قد تستنزف قدراتها، وتظهرها عالمياً كمنتهكة للقانون الدولي، بينما هي لا تترك مناسبة إلا وتتهم الغرب بالالتفاف على القوانين، لكن في حال وصلت السكين إلى الرقبة، فإنها لا تتوانى عن الإقدام على تحرك عسكري يحفظ أمنها على المدى البعيد، ويحمي حدودها الشرقية من التمدد الغربي، رغم الخسائر الكبيرة المتوقعة، سواء في الميدان أو العقوبات الاقتصادية الصارمة، إلا أن المكاسب على المدى البعيد ربما تكون أعلى مما قد تخسره.

 الأمور تتجه للأسوأ، وفي حال حدثت الحرب فإن الأوضاع ستتجه إلى ما هو أخطر مع احتمالية تصاعدها إلى اشتباك كبير بين الشرق والغرب، مع تأهب الجميع للمواجهة، لذا فإن الجنوح للحوار ربما يكون الحل الأسلم لعدم الانجرار إلى صراع لا تحمد عواقبه.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …