الرئيسية / مقالات رأي / اليابان «الدائنة».. ومخاطر ديونها

اليابان «الدائنة».. ومخاطر ديونها

بقلم: عدنان كريمة – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم – بعد انكماش الاقتصاد الياباني، وهو ثالث أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 4.5% عام 2020 نتيجة تداعيات كورونا، سجل في الفصل الرابع من العام الماضي نمواً بنسبة 1.7%.

وتتوقع حكومة فوميو كاشيدا أن يرتفع النمو خلال العام الحالي إلى 3.2%، عبر تنفيذ سياسة أطلقت عليها «الرأسمالية الجديدة»، وهي نظرية تعتمد على توزيع الثروة ورفع دخل الطبقة الوسطى، مع تحفيز الشركات على زيادة الأجور، مقابل منحها مزايا ضريبية، وتشجيعها على مشاركة العمال في الأرباح المتحققة.

وتبلغ تكلفة خطة التحفيز الجديدة نحو 490 مليار دولار، وتشمل مجموعة إجراءات، بما فيها دفعات نقدية للعائلات التي تضم أطفالاً تحت سن الـ18، لكن حتى في حال تحقق ذلك، تبقى اليابان بعيدةً عن محو آثار الانكماش الاقتصادي.

ومع اعتماد الحكومة موازنةً قياسيةً للسنة المالية (2022–2023) التي تبدأ في أبريل المقبل، توازي نحو 830 مليار يورو، توقع بنك اليابان أن يستعيد الاقتصاد عافيته إلى مستويات ما قبل الوباء، في النصف الأول من العام الحالي، وذلك في ظل مجموعة تحديات رئيسية تواجهها حكومة كاشيدا، إضافة إلى السيطرة على المتحور «أوميكرون»، وإعادة توزيع الثروة.

وأهم هذه التحديات:أولاً؛ التوتر الجيوسياسي مع الصين التي تعد الآن أكبر منافس للاقتصاد الياباني بإنتاجها السلع التي كانت تنعش آمال الشركات اليابانية، وبأسعار رخيصة، فتصدّرها إلى أوروبا والبلاد العربية ودول أفريقيا وأميركا اللاتينية.

وإضافة إلى نزاعهما على جزيرة سينكاكو، هناك قلق كبير إزاء المخاطر التي تطرحها كوريا الشمالية. لذا شددت وزارة الدفاع اليابانية على ضرورة الاهتمام بالوضع الأمني الإقليمي المتدهور«بسرعة غير مسبوقة»، وطلبت تخصيص 127.8 مليار ين لشراء12 مقاتلة «إف–35» من الحليف الأميركي، لزيادة قدرات اليابان الدفاعية.

ثانياً؛ تراجع سعر صرف الين بنسبة 30 بالمئة في عهد الحكومة السابقة التي أمل رئيسها شينزو آبي أن يؤدي ذلك إلى دعم التصدير، لكن محافظ البنك المركزي هاروهيكوكورودا اكتشف أن التداعيات السلبية لهذا الخفض الكبير تفوق الإيجابيات، وأنه بات يهدد القوة الشرائية للأسر اليابانية نتيجةً ارتفاع الأسعار، كما يسبب مخاطر هروب الأموال من أدوات الين إلى الدولار.

ثالثاً؛ ارتفاع حجم الدين السيادي إلى 12.5 تريليون دولار، أي ما يعادل 250% من الناتج المحلي المقدر بنحو خمسة تريليونات دولار، وهو أعلى رقم قياسي عالمي، ويفوق نسبة الدين الأميركي البالغة 160% من الناتج المحلي الإجمالي.

مع الإشارة إلى الفارق الكبير جداً بين قدرة الولايات المتحدة على تسديد سندات الدين مقارنةً باليابان، بسبب جاذبية الدولار الذي يسيطر على النظام المالي العالمي، وتدفق المستثمرين على السوق الأميركي، مقابل محدودية السوق الياباني، حتى إن بعض الخبراء يرى أن الحكومة اليابانية ربما تضطر للتوقف عن إصدار سندات دين جديدة بفائدة أعلى من التضخم البالغ 2% حالياً، مما يقود إلى ركود اقتصادي.

وإذا كانت اليابان أكبر دولة «مدينة» في العالم، نسبةً لناتجها المحلي الإجمالي، وهي تتعرض لضغوط شديدة نتيجةَ مخاطر ديونها السيادية، فهي في الوقت نفسه دولة «دائنة» للولايات المتحدة التي يعد اقتصادها الأكبر عالمياً، حيث تتصدر لائحة المكتتبين بسندات الخزانة الأميركية، وتبلغ حصتها 1.34 تريليون دولار، وتحتل الصين المرتبة الثانية بنحو 1.08 تريليون دولار، ثم المملكة المتحدة بنحو 621 مليار دولار.

مع الإشارة إلى أن تطور الاستثمار وحصص المكتتبين بهذه السندات، يخضع لتطور طبيعة العلاقات الدولية، والتحالفات الاقتصادية، فضلاً عن التطورات الجيوسياسية التي تتحكم بمتغيرات الخريطة الاستثمارية العالمية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …