الشرق اليوم – تتداعى شعبية الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يوما بعد يوم، حيث أن قرارات إدارته لا تلقى ترحيبا لا على الصعيد المحلي ولا على الصعيد الدولي.
ووفقا لاستطلاع للرأي أجراه موقع Politico بالتعاون مع مؤسسة Morning Consult، فإن 53% من الأمريكيين يرفضون أداء بايدن كرئيس بشكل عام.
ووجد الاستطلاع أن 43% من الأمريكيين يوافقون على الأداء الذي يقوم به بايدن، مقارنة بـ53% ممن لا يوافقون.
ومؤخرا أصدرت إدارة بايدن قرارا بتقسيم أرصدة البنك المركزي الأفغاني بين ضحايا هجمات 11 سبتمبر والجهود الإغاثية، مما أثار موجة غضب واسعة؛ بسبب ما يعانيه الأفغان من ظروف معيشية قاسية.
هافليش وقرار التقسيم
أثار القرار “اقتتالا” من قبل محاميي الضحايا الذين يسعون للحصول على جزء من الأرصدة.
وفي رسائل منفصلة أرسلت إلى المحكمة، زعمت شركتا المحاماة “كريندلر وكريندلر” و”موتلي رايس”، اللتان تمثلان ضحايا 11 سبتمبر في قضايا مماثلة، أن المدعين يجب أن يحصلوا على قسم من هذه الأموال الأفغانية المودعة لدى أمريكا.
وكان المدعون في قضية ضحايا 11 سبتمبر التي تعرف باسم “هافليش”، الذين من المقرر أن يحصلوا على 3.5 مليار دولار، من بين أوائل الأشخاص رفعوا دعوى ضد “طالبان” للمطالبة بتعويضات، وفازوا بحكم قضائي بعدة مليارات من الدولارات في عام 2006.
في رسالته إلى المحكمة، ادعى المحامي جيمس كريندلر، أن “المدعين في هافليش يمثلون 47 ضحية فقط ماتوا في 11 سبتمبر، وأن قرار المحكمة بالأموال سيكون “على حساب عائلات 2930 فردا آخرين قتلوا ذلك اليوم، ويمكن أن تضر بهم بشكل لا يمكن إصلاحه”.
وجادل المحامون بأن عملاء شركة “كريندلر وكريندلر” و”موتلي رايس”، الذين رفعوا دعاوى ضد السودان وإيران والعراق والمملكة العربية السعودية وحكومات أجنبية وكيانات خاصة أخرى، يجب أن يكونوا مستحقين للأموال الأفغانية أيضا.
وأكدت شركة “كريندلر وكريندلر”، في رسالة إلى عملائها هذا الأسبوع، أن “هناك العديد من القضايا القانونية العالقة المتعلقة بأموال البنك المركزي الأفغاني البالغ حجمها 3.5 مليار دولار، وأنهم يعملون على التدخل”، مضيفة: “نشعر بخيبة أمل لأن وزارة العدل لم تتخذ أي إجراء من شأنه أن يجعل هذه الأصول متاحة لعائلات 11 سبتمبر على الفور وعلى أساس عادل، ونحن نواصل العمل مع فريق الضغط لدينا والتواصل مع صانعي القانون والسياسة لحثهم على أن يقوموا بذلك الآن”.
وبحسب موقع The Intercept، فإن المدفوعات المحتملة التي يمكن أن يحصل عليها المحامون كبيرة، مشيرا إلى أنه حتى في ظل هيكل رسوم متحفظ بنسبة 15%، فإن الأموال الأفغانية ستحقق مكاسب غير متوقعة قدرها 525 مليون دولار من الرسوم القانونية.
كما قد يحقق بعض أعضاء جماعات الضغط أيضا أرباحا ضخمة من الأموال الأفغانية. ففي دعوى قضائية تم رفعها في محكمة فيدرالية العام الماضي، بدعوى خرق العقد، كشف أعضاء جماعات الضغط الذين كانوا يعملون سابقا مع “كريندلر وكريندلر”، أن الشركة قد عوضت جماعات الضغط من خلال وعدهم بنسبة مئوية من “جوائز ضحايا 11 سبتمبر”.
بايدن سيقسم الأرصدة بين ضحايا 11 سبتمبر والإغاثة
من جانب آخر قال مسؤول أمريكي إن الرئيس جو بايدن، سيصدر أمرا لنقل 7 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني المجمدة في أمريكا وستقسم بين ضحايا 11 سبتمبر والجهود الإغاثية في أفغانستان.
وأوضح المسؤول أن المبلغ الآخر البالغ 3.5 مليار دولار سيبقى في الولايات المتحدة ويستخدم لتمويل عمليات التقاضي المستمرة من قبل ضحايا الإرهاب الأمريكيين، مشيرا إلى أن المحاكم الأمريكية التي رفع فيها ضحايا الهجمات دعاوى ضد طالبان، سيتعين عليها أيضا اتخاذ إجراءات لتعويض الضحايا.
وكان قد تم تعليق التمويل الدولي لأفغانستان وتجميد مليارات الدولارات من أصول البلاد في الخارج، ومعظمها في الولايات المتحدة، بعد سيطرة حركة “طالبان” على البلاد في منتصف أغسطس 2021.
وتمتلك أفغانستان أكثر من 9 مليارات دولار من الاحتياطيات، بما في ذلك ما يزيد قليلا عن 7 مليارات دولار من الاحتياطيات الموجودة في الولايات المتحدة. الباقي موجود بشكل كبير في ألمانيا والإمارات العربية المتحدة وسويسرا وقطر.
بنك “دا أفغانستان” يصدر بيانا بشأن وضع أمريكا يدها على أصول المركزي الأفغاني
بدوره أصدر بنك “دا أفغانستان” بيانا بشأن قرار الولايات المتحدة الأمريكية حول احتياطيات النقد الأجنبي لأفغانستان.
وقال البنك: “بنك دا أفغانستان (DAB) باعتباره البنك المركزي لأفغانستان، وهو المسؤول عن الحفاظ على النقد الأجنبي الدولي وإدارة احتياطيات الدولة وفقا للقانون، قرأ محتوى الأمر التنفيذي لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية (USA)، جو بايدن، بشأن احتياطيات العملات الأجنبية في DAB المحتفظ بها في الولايات المتحدة الأمريكية، وفيما يتعلق بذلك، يعبر عن النقاط التالية:
1. أهداف احتياطيات العملات الأجنبية: وفقا للقانون واللوائح ذات الصلة، تستخدم احتياطيات العملات الأجنبية في أفغانستان لتنفيذ السياسة النقدية وتسهيل التجارة الدولية وتحقيق الاستقرار في القطاع المالي.
2. ملكية احتياطيات العملات الأجنبية: المالكون الحقيقيون لهذه الاحتياطيات هم شعب أفغانستان..هذه الاحتياطيات لم تكن وليست ملكً للحكومات والأحزاب والجماعات ولا يتم استخدامها أبدًا وفقا لطلبها وقراراتها.
3. إدارة احتياطيات العملات الأجنبية: بالنظر إلى الأهداف المحددة، تدار احتياطيات العملات الأجنبية في أفغانستان على أساس الممارسات الدولية. تتم مراقبة حالة هذه الاحتياطيات بانتظام وبدقة من قبل DAB.. يتم استثمار جزء معين من هذه الاحتياطيات في الولايات المتحدة وفقًا للقواعد المقبولة لتكون آمنة ومتاحة لـDAB لتحقيق الأهداف المحددة”.
وأضاف البيان: لذلك، يعتبر DAB القرار الأخير للولايات المتحدة الأمريكية بشأن حظر احتياطيات العملات الأجنبية وتخصيصها لأغراض غير ذات صلة، ظلما لشعب أفغانستان، ولن تقبل أبدا إذا تم دفع احتياطي العملات الأجنبية لأفغانستان تحت اسم التعويض أو المساعدة الإنسانية للآخرين والرغبات، ونطالب بعكس القرار والإفراج عن جميع احتياطيات العملات الأجنبية في أفغانستان”.
كرزاي يحث واشنطن على إعادة أصول البلاد
من جانبه حث الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرزاي، الإدارة الأمريكية على إعادة أصول بلاده، قائلا: “الاحتفاظ بأموال أفغانستان بأي اسم أمر غير عادل وظالم. هذه الأموال ملك لشعب أفغانستان … أناشد الرئيس جو بايدن لإعادة الأموال إلى شعب أفغانستان”.
وقال كرزاي: “إن الاحتياطات الإجمالية للبنك الوطني ليست ملكا لأي حكومة أو نظام، وإنما ملك للشعب الأفغاني، ولن نقبل القرار الأميركي بالتصرف في أموالنا بهذه الطريقة التي طرحها الرئيس جو بايدن، والشعب الأفغاني ضحية الإرهاب العالمي منذ عقدين وبدل أن يساعدنا العالم نعاقب بهذه الطريقة، وعلى الرئيس الأميركي مراجعة قراره”.
“طالبان” تهدد بمراجعة موقفها من واشنطن
بدورها قالت الحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة “طالبان” إذا لم تعد الولايات المتحدة النظر في قرارها بشأن الأموال الأفغانية فسيتعين على “طالبان” إعادة النظر في سياستها تجاه واشنطن، ورأت أن تجميد احتياطات البنك الوطني انتهاك لجميع الأعراف الدولية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية، ذبيح الله مجاهد: “إن أحداث 11 سبتمبر/ أيلول (2001) لا علاقة لها بالأفغان، وإن مصادرة الأموال الأفغانية وتوزيعها على عائلات ضحايا الحادث انتهاك صريح بحق الشعب الأفغاني، وقرار الرئيس الأميركي الأخير يتعارض بشكل واضح مع الاتفاقية بين الولايات المتحدة وحركة طالبان”.
وبحسب صندوق النقد الدولي، فقد بلغت الاحتياطات الإجمالية للبنك الوطني الأفغاني بنهاية أبريل/نيسان الماضي 9.4 مليارات دولار أميركي، والتي كانت 500 مليون دولار عام 2002.
بدوره يقول رئيس البنك الوطني الأفغاني السابق، خان أفضل: “إن الاحتياطي الأفغاني في البنوك الأجنبية معظمه ذهب وعندما يرتفع سعر الذهب تربح أفغانستان سنويا 800 مليون دولار، وفي الوضع العادي تربح 300 مليون دولار”.
مضيفا أن “الأزمة الحالية واستخدام هذه الأموال لأغراض سياسية تجعل أفغانستان تخسر ربحا وهذا يؤثر على الوضع المعيشي وسعر العملة الأفغانية”.
بايدن.. روبن هود نصير الأغنياء
هذا وانتقدت جينيفر بريك مورتازاشفيلي، رئيسة جمعية دراسات وسط أوراسيا، في مقالها بمجلة ناشونال إنترست، ما وصفته بفشل الرئيس الأميركي جو بايدن المتواصل في أفغانستان، مبرزة إعلان إدارته الأسبوع الماضي أنها ستعيد توزيع 7 مليارات دولار من الأصول المجمدة المملوكة للبنك المركزي الأفغاني في نيويورك، لتمنح نصفها لصندوق ائتماني يدعم أقرباء ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 والنصف الآخر لصندوق ائتماني من أجل دعم الاحتياجات الإنسانية للشعب الأفغاني.
وقالت إنه بإعادة توزيع الأموال من واحدة من أفقر البلدان بالعالم، أفغانستان، على ضحايا الإرهاب في واحدة من أغنى البلدان بالعالم، الولايات المتحدة، يكون بايدن قد استحق بالفعل لقبا جديدا: “روبن هود نصير الأغنياء”.
وحذرت من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى خراب اقتصادي لأفغانستان بجعل عملتها عديمة القيمة وإثارة المزيد من الارتفاعات في الأسعار في اقتصاد يعاني بالفعل من ضائقة مالية. ومع استمرار انخفاض العملة ستنتقل البلاد إلى مزيد من الفقر والفوضى التي تولد أسوأ أزمة إنسانية في عصرنا. وقالت إن هذا لا يؤذي الأفغان فحسب، بل يقوّض أيضا مصالح السياسة الخارجية الأميركية بشكل مباشر بخلق مكونات الاضطراب الإقليمي.
وبتسليمه نصف الاحتياطات الأفغانية لوكالات المساعدة المذكورة، لا يكون بايدن قد جعل اعتماد أفغانستان على المساعدات طويل الأجل ولكنه أيضا يكون قد قدم هذه الأموال إلى نفس الوكالات التي أسهمت خططها الكبرى على مدى السنوات الـ20 الماضية في انهيار الدولة الأفغانية.
وقالت إن هذه الخطوة هي أيضا ضربة قاسية أخرى لسمعة أميركا لأنها تذكر العالم مرة أخرى بالضعف الأميركي أثناء الانسحاب، مما يقود إلى التساؤل بشأن ما إذا كان لدى بايدن عداء شخصي تجاه أفغانستان.
بايدن يرفض الفشل في أفغانستان
ومؤخرا قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إنه يرفض نتائج تحقيق أجراه الجيش، وأفاد فيه بأن “إدارته فشلت في الاستعداد والرد بشكل كاف لاستيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان”.
وحول روايات المسؤولين العسكريين في تقرير الجيش، قال بايدن: “أنا أرفضها”، مضيفا: “ليس هناك وقت جيد للخروج، لكن إذا لم نخرج فقد أقروا بأنه كان علينا إعادة المزيد من القوات إلى الجحيم”.
وأوضح أنه “كان سيتعين علينا زيادة عدد القوات بشكل كبير وبالتالي العودة إلى حرب الاستنزاف هذه.. لذا فإن هذا القرار (الانسحاب) كان القرار الأكثر حكمة للقيام به”.