By: Simon Jenkins
الشرق اليوم – في شهر مايو من هذا العام ستحتفل الملكة إليزابيث الثانية باليوبيل البلاتيني، ومرور 70 عامًا على اعتلاء عرش بريطانيا، فهي صاحبة أطول عهد بين الحكام البريطانيين، كما أنه بحلول ذلك الوقت ستكون في المرتبة الثانية بعد لويس الرابع عشر بين أطول ملوك أوروبا بقاءً في الحكم، وتعد مثل هذه الاستمرارية في المنصب أمرًا استثنائيًا ويستحق التهنئة والاحتفال.
لقد قامت الملكة بواجبها تجاه الأمة البريطانية خلال حقبة غير عادية، من نهاية الإمبراطورية، من خلال الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومغادرته، إلى ثورة تكنولوجية عالمية، كما عاصرت 14 رئيس وزراء، من ونستون تشرشل إلى بوريس جونسون، وعلى الرغم من أن حكمها للبلاد هو مجرد أمر رمزي إلى حد كبير، فإنها أدت أداءً قويًا، إذ استطاعت تجنب إثارة الجدل حول منصبها، واحتفظت بمودة الناس الصادقة.
واليوم، أجبر العمر والوباء الملكة على الانسحاب من المزيد من الواجبات الملكية والارتباطات العامة، ومن أبرزها حضور قمة المناخ «COP 26» الأخيرة في جلاسكو، وقد أشارت إلى أنها ستشارك في احتفالات اليوبيل الماسي هذا الصيف، ولكن يبدو أن هناك شكلًا من أشكال النهاية فى هذه الفعالية، كما هو الحال مع عمرها البالغ الآن 95 عامًا، حيث يتولى أمير ويلز المزيد من أعباء منصب الملكة.
وصحيح أن أي شخص عاقل سيوصي بتقاعد امرأة في سنها من العمل، ولكن لا يجرؤ أحد في الأوساط الملكية على التلفظ بكلمة التنازل عن العرش، إذ إنه بات يعد مفهومًا سامًا للعائلة المالكة منذ الرحيل القسري للملك إدوارد الثامن في عام 1936.
ولكن الملكية ليست سمة إنسانية ولكنها وظيفة دستورية، ولذا فإن اختيار الملك نظرًا لنسبه أو دينه هو أمر سخيف بطبيعته، إلا أن هذا بات من مخلفات التاريخ.
فالدول الأكثر استقرارًا وتقدمًا في العالم، مثل السويد والنرويج والدنمارك وهولندا، لديها أنظمة ملكية بالوراثة، إلا أنها ليست مستقرة لأنها ممالك، ولكنها ملكيات لأنها مستقرة، كما أنه لا يمكن القول إن الملكية تخنق بريطانيا، فالسياح يحبونها كثيرًا.
وبعد وفاة الملكة إليزابيث سيكون من الصعب للغاية على أمير ويلز أن يظهر كبديل لها، إذ ستكون لحظة الانتقال إلى أي ملك جديد، بعد 70 عامًا على الأقل، لحظة شديدة الصعوبة، ولذلك لا شىء يمكن أن يساعد الأمير تشارلز في خلافته أكثر من أن تكون هناك عملية انتقال مخططة من خلال تقاعد والدته ومباركتها لتتويجه.
فتقاعد الملكة وهي بصحة جيدة وتتويج تشارلز سيظهر للعالم باعتباره مناسبة سعيدة، كما سيشير إلى طقس مرتبط بالدستور وليس كطقس توريث للحكم بعد وفاة الملكة، كما أنه سيعفي تشارلز من طوفان من المقارنة، خاصة إذا قرر إجراء تغييرات في العادات والممارسات الملكية، وهو أمر ضروري.
فمهما كانت الأخطاء الموجودة في السياسة البريطانية الآن، فإنه لا يمكن إلقاء اللوم على النظام الملكي فيها، إذ إنه على الأقل تتجنب بريطانيا الآلام التي تعاني منها الولايات المتحدة في الوقت الحالي، ولكن استقرار النظام الملكي يعتمد على المصلحة العامة، فلا يمكن أن يؤخذ هذا النظام كأمر مُسلَّم به، كما يجب ألا يُنظر إلى التقاعد المبكر للملكة على أنه «تنازل»، بل أن يُنظر إليه على أنه حكمة ومراعاة للمنطق.
ترجمة: المصري اليوم