BY: Keith Bradsher
الشرق اليوم- استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية تكلف الصين مليارات الدولارات، وهو حجم من الإنفاق جعل الحدث أقل جذبا للعديد من المدن في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. وقد خلص المزيد والمزيد من الدول إلى أن الألعاب لا تستحق أن تستضاف بسبب الفاتورة الضخمة، وفوائد السياح الأقل من المؤمل.
ولكن الصين تنظر إلى الألعاب بحسابات مختلفة، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وتعتمد بكين منذ فترة طويلة على الاستثمارات الكبيرة في بناء خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة وغيرها من البنى التحتية لتوفير ملايين فرص العمل لمواطنيها وخفض تكاليف النقل.
ومع دورة الألعاب الأولمبية لعام 2022، تأمل أيضا في تعزيز الاهتمام الدائم بالتزلج والشباك وهوكي الجليد وغيرها من الرياضات الشتوية التي يمكن أن تزيد من إنفاق المستهلكين، لا سيما في شمال شرق البلاد البارد والذي يعاني اقتصاديا.
ولعل الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لزعيم الصين شي جين بينج هو أن الألعاب الأوليمبية تشكل فرصة لإظهار وحدة بلاده وثقتها بقيادته، للعالم.
ونقلت الصحيفة عن، جان بيير كابستان، وهو عالم سياسي في جامعة هونغ كونغ المعمدانية “بالنسبة لصورة الصين الدولية وهيبتها، كما يقول الصينيون، لا شيء يعتبر مكلفا للغاية”.
ومع ذلك، ومع تباطؤ الاقتصاد الصيني بالفعل، والتوقعات الباهتة للنمو العالمي، فضلا عن المخاوف من أن يؤدي متحور أوميكرون إلى المزيد من الإغلاقات وخنق سلاسل التوريد العالمية، كانت بكين حذرة من التكاليف المتصاعدة.
وقد أثارت كل دورة ألعاب أولمبية تقريبا في السنوات الأخيرة نزاعات حول تجاوز التكاليف. وقد وجدت دراسة في جامعة أكسفورد أن تكاليف تشغيل الألعاب الأولمبية التي عقدت منذ عام 1960 قد بلغ متوسطها ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كانت المدن المضيفة في الأصل تتكلفها.
وأنفقت مدينة سوتشي في روسيا، التي استضافت الألعاب الأولمبية الشتوية في عام 2014، أكثر من 50 مليار دولار، استثمرت أكثر من نصفها على البنية التحتية.
وعندما استضافت بكين دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في عام 2008، قالت إنها أنفقت 6.8 مليار دولار، ولكن ذلك لا يشمل عشرات المليارات الأخرى التي استخدمتها لبناء الطرق والملاعب وخطوط مترو الأنفاق ومحطة المطار.
وهذه المرة، حددت الصين ميزانية تبلغ نحو 3 مليارات دولار، وهو رقم يشمل بناء أماكن للمنافسة، ولا يشمل مشاريع مثل خط سكك حديدية فائق السرعة بقيمة مليار دولار وطريق سريع بقيمة 5 مليارات دولار.
ويجعل الوباء الألعاب أكثر تكلفة. حيث تضمنت فاتورة دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو الصيف الماضي 2.8 مليار دولار من تكاليف الوقاية من الفيروس التاجي وحدها.
وقد بدد تشدد الصين بشأن الوباء الآمال فى أن تجذب الالعاب السائحين، وقال المنظمون الخريف الماضي انهم لن يبيعوا تذاكر للمتفرجين الأجانب. ثم أعلنوا الشهر الماضي أن معظم السكان الصينيين لن يتمكنوا من الذهاب ايضا، مما دفع مديري الفنادق فى بكين فى اللحظة الأخيرة لخفض الأسعار المرتفعة للغرف لشهر فبراير بشكل كبير.
وقال المسؤولون إن نقص المتفرجين يعنى إن هناك حاجة إلى عدد أقل من الموظفين في الألعاب.
وذكرت اللجنة المنظمة أن الصين وفرت أموالا أيضا بإلغاء مراسم استقبال الزوار الأجانب وتقصير مدة نقل الشعلة إلى ثلاثة أيام فقط.
كما تمكنت بكين من إعادة استخدام ملاعب ومركز إعلامي عملاق ومرافق أخرى أقيمت لدورة الألعاب الأوليمبية الصيفية لعام 2008.
ووفقا لباحثي جامعة أكسفورد، فإن الميزانية التشغيلية للألعاب في الصين، التي تبلغ 3.1 مليار دولار، مماثلة لمتوسط التكلفة لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية السابقة.
ولكن من الصعب تقييم أي جزء من تكاليف الوقاية من الفيروس التاجي، يتم تضمينه في الميزانية، كما ضغطت الحكومة على الشركات لتحمل المزيد من تكاليف استضافة الألعاب.
وفى تشانغجياكو، وهى منطقة بالقرب من بكين حيث تقام بعض المسابقات، استولت السلطات الصينية مؤقتا على منتجع جنتينغ سيكريت جاردن للتزلج المملوك للماليزيين. وسع المنتجع طاقته الاستيعابية إلى 3800 غرفة وشقة عطلات، بعد أن كان 380 غرفة فقط قبل أن تفوز الصين باستضافتها للأولمبياد.
وقال ليم تشي واه، مؤسس المنتجع والمالك المشارك له، في مقابلة أجريت معه إنه لم يبلغ بالمقدار الذي ستعوضه به الحكومة عن استخدام المنتجع معظم موسم الشتاء، لكنه “واثق من أن ذلك سيكون عادلا”.
كما أن الصين لا تحسب استثمارات البنية التحتية طويلة الأجل التي تم إجراؤها في السنوات التي سبقت الألعاب.
وأنفقت الحكومة الوطنية ملياري دولار لبناء طريق سريع من شمال غرب بكين إلى يانتشينغ، حيث تقام فعاليات التزلج على الجليد في الألعاب الأولمبية، و3.6 مليار دولار إضافية لتوسيع الطريق السريع إلى وادي تايزيتشنغ، حيث توجد منتجعات التزلج.
وقبل أن تفوز بكين باستضافة أولمبياد 2022، بدأت الحكومة في إنفاق 8.4 مليار دولار على خط سكك حديدية فائق السرعة ينقل المسافرين من بكين نحو منغوليا الداخلية بسرعة تصل إلى 217 ميلا في الساعة.
وبعد فوزها في الألعاب الأولمبية، أضافت بكين مليار دولار إلى ذلك المشروع لبناء قطاع إضافي ينطلق إلى جبال تايزيتشنغ.
وقال أندرو زيمباليست، الأستاذ في كلية سميث والذي نشر ثلاثة كتب عن اقتصاديات الألعاب الأولمبية، “إن الصينيين لا يحسبون أيا من ذلك – بل يقولون إنهم كانوا سيبنون ذلك على أي حال. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان هذا صحيحا”.
المصدر: الحرة