الرئيسية / مقالات رأي / نزع فتيل التوتر

نزع فتيل التوتر

الشرق اليوم– بعد مفاوضات صعبة دامت لأكثر من ثلاث ساعات في الكرملين خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الألماني أولاف شولتز ليزيلا المخاوف التي أثارتها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بشأن اندلاع حرب “في غضون ساعات” بين روسيا وأوكرانيا، إذ أكد بوتين أن روسيا “لا تريد الحرب إنما إطلاق مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بشأن الأمن المشترك”، في حين أشار المستشار الألماني من جهته إلى “أفق للتعاون مع روسيا وإمكانية إجراء حوار وإنهاء الأزمة الراهنة”.

 هذا يعني أن الحوار قائم والطريق ليس مسدوداً، والجهود الدبلوماسية لم تتوقف، وكان بدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وها هو المستشار الألماني يستكملها.

 لعل مبادرة الكرملين قبيل وصول شولتز بالبدء في سحب القوات الروسية من على الحدود الأوكرانية والعودة إلى قواعدها السابقة هي مؤشر على عدم نية روسيا تصعيد الموقف وسعيها لكسب أوروبا إلى جانبها، أو هي “هدية متواضعة” للمستشار الألماني كي يتمكن من تثبيت قيادته الألمانية ومكانته الأوروبية خلفاً للمستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي حرص على استشارتها قبيل مغادرته إلى موسكو بسبب خبرتها الطويلة في التعامل مع بوتين ونجاح سياستها تجاه روسيا والأكثر انفتاحاً على موسكو من بقية الدول الغربية. ثم إن شولتز يدرك أهمية روسيا بالنسبة لألمانيا في مجال تزويدها بالطاقة من خلال “نورد ستريم 2” الذي يشكل شريان حياة لألمانيا. لذلك فإبقاء الحوار مع موسكو أمر مهم بالنسبة لبرلين ولأوروبا وحتى لواشنطن، ما دام هناك انفتاح على التوصل إلى حلول للقضايا الخلافية.

 شولتز أكد من جهته أن ألمانيا “تعمل مع حلف الناتو لإجراء حوار بشأن الأمن الجماعي” الذي يعتبر قضية في غاية الأهمية بالنسبة لروسيا، وكانت السبب الرئيسي في الأزمة الحالية، ذلك أن الكرملين يرى بأن الأمن الأوروبي من خلال التذرع بانضمام دول في أوروبا الشرقية إلى الناتو والتوسع شرقاً باتجاه حدوده، ووضع أسلحة هجومية فيها، لا يجوز ولا يمكن القبول به طالما يتم على حساب الأمن القومي الروسي.

 يبدو من خلال تصريحات بوتين وشولتز أنه تم نزع فتيل التوتر حتى الآن، بانتظار نضج فكرة الحوار بشأن الأمن الجماعي، وهو ما تقوم به ألمانيا وفرنسا اعتماداً على مواقفهما الإيجابية تجاه روسيا وسعيهما الجدّي لتجنيب أوروبا ويلات حرب قد تكون كارثية، خصوصاً أنها هي من يكتوي بنارها وليس الولايات المتحدة البعيدة.

 كانت هناك خلال مفاوضات أمس مساحة لبحث العلاقات الروسية – الألمانية، حيث بدد بوتين كل المخاوف الألمانية والأوروبية بشأن إمدادات الطاقة، مؤكداً أن روسيا توفر ثلث احتياجات ألمانيا منها، وإيلاء أهمية خاصة لمشروع “نورد ستريم 2” لنقل الغاز إلى أوروبا، واستعداد موسكو لمواصلة صادرات الغاز عبر أوكرانيا حتى العام 2014.

لكن، هل يمكن أن تقبل الولايات المتحدة بما تقبل به أوروبا، أم تواصل التصعيد والتهويل بالحرب؟

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …