الرئيسية / مقالات رأي / المعلومات المغلوطة بين الماضي والحاضر

المعلومات المغلوطة بين الماضي والحاضر

بقلم: تايلر كوين – صحيفة الاتحاد

الشرق اليوم- من شائع القول إن المعلومات المغلوطة، وخاصة عن “كوفيد-19” واللقاحات ضده، وهي معلومات اكتسبت قوةً بفعل مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل الإعلام، قد أصبحت أسوأ من أي وقت مضى. ومن الصعب قياس المعلومات المغلوطة عبر الزمن.

لكن من المشكوك فيه التسليم بوجود عصر ذهبي للمعلومات الدقيقة، خاصة حول الصحة العامة. لقد جاوزتُ الستين من عمري لتوي، وابتعد شبابي إلى حد ما. لكن يمكنني تذكر الجدل حول التدخين. فلم يكن الأمر يتعلق كثيراً بضرره على المرء، فقد رسخ العلم هذا والحكومة الاتحادية كانت قد دشنت بالفعل حملةً لمكافحة التدخين، لكن تعلق الأمر بما إذا كان سيئاً للغاية حقاً.

ولا أتحدث هنا عن تدخين سجائر قليلة من حين لآخر، ولكن تدخين علبة واحدة أو اثنتين في اليوم. لم تكن المعرفة العلمية منتشرةً اجتماعياً كما هي اليوم. وكان هذا يعني أن الرأي العام الاجتماعي كان دائماً منقسماً إلى حد ما. أو لنأخذ مثال الجدل بشأن ممارسة الرياضة، فمع مع مرور كل عقد من الزمن، أصبحت الفوائدُ الصحيةُ للتمارين الرياضية معروفةً بشكل أفضل. وفي العقود السابقة، لم تترسخ هذه النقطة ببساطة. وبغض النظر عن مدى ممارساتنا الرياضة في الواقع، فإننا الآن مهووسون بها ونتفاخر بها لدرجة أصبحت مزعجةً.

ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً بالتأكيد هنا، لأن بوسع المرء الآن التغريد بأنه قطع للتو سباق ماراثون أو تسلق بعض الصخور. وإذا لم يمارس الرياضة، فسيشعر بالذنب. أو لنأخذ مثال أحزمة مقاعد السيارات، فهي مجال آخر تغيرت فيها حال المعرفة العامة نحو الأفضل. وفي السنوات القليلة الأولى كنت أقود فيها سيارتي من دون حزام أمان، ليس لأنني كنت مراهقاً محباً للمخاطر ومتمرداً، بل لم يكن الأمر ببساطة غير مألوف في ذاك الوقت، ولا أتذكر تعرضي لتوبيخ من زملائي الركاب لعدم وضع حزام الأمان. لكن لحسن الحظ، انتبهت. وانتشرت قوانين إلزامية حزام الأمان، وتحسن وعي الجمهور أيضاً.

ويعد هذا انتصاراً لإعلام الصحة العامة. هذه المجالات القليلة من التحسينات الهائلة لها جميعاً عواقب كبيرة على صحة الإنسان وطول العمر. إنها مجالات مهمة. لكن قضايا أخرى ما زالت محل جدل. ويعد اتّباع الحمية من المجالات الأكثر إثارة للجدل والتي يقلُّ فيها اتفاق الآراء حتى اليوم. ومن الواضح أن مشاكل السمنة قد تفاقمت. لكن هل كانت النصائح الغذائية السابقة للمؤسسة الطبية رائعة للغاية؟ على سبيل المثال، أصيب والدي بنوبة قلبية وتم تشخيص حالته على أنه مصاب بمرض السكري، وبناءً عليه، نُصح بتناول المعجنات والخبز باعتبارها غذاءً نباتياً. ولم يكن لديه إمكانية الوصول إلى مصادر معلومات بديلة كثيرة، ولذلك امتثل لنصيحة خاطئة.

فقد بالغت المؤسسة الطبية عموماً في تقدير جدوى تناول الكربوهيدرات، وربما بالغت في قلقها من المخاطر الصحية للحوم. وتعززَ الوعيُ أيضاً حول المخاطر الصحية لوظائف معينة، من التعرض للمواد الكيميائية إلى مشاكل حركات العمل المتكررة. وربما كانت هناك مبالغة في رد الفعل وفي التنظيم في بعض هذه القضايا، لكن في العقود السابقة كان رد الفعل أقل من المطلوب. واليوم، يتوافر قدر هائل من المعلومات المضللة حول تلوث الهواء وخاصة تغير المناخ (ويجب أن نكون منصفين، إنه أمر خطير للغاية لكنه ليس تهديداً وجودياً). لكني أفضل عموماً مستوى الوعي للعالم الحالي على مستوى الوعي في الماضي. وهذه أيضاً قضايا تتعلق بالصحة العامة ستزداد أهميتها فحسب. وهناك شيء واحد أتذكره من سنوات الدراسة المبكرة تمثل في موقف إيجابي للغاية تجاه جميع أنواع اللقاحات.

ففي نطاق دائرتي المدرسية على الأقل، وأعتقد بشكل عام، اعتُبرت اللقاحاتُ نوعاً من المعجزة. فقد بلغ وباء الحصبة ذروته عام 1958، قبل سنوات قليلة فقط من ولادتي، وكان شلل الأطفال يمثل مشكلة هو كذلك، فقد أصيب نيل يونج الذي يكبرني بنحو 16 عاماً بالمرض حين كان طفلاً. لا أعرف ما إذا كانت “العلاجات السحرية” أسوأ في ذلك الوقت أم الآن. الآن، هناك عقار هيدروكسيكلوروكوين لفيروس كورونا. وفي حقبة سابقة، كان هناك علاج لمرض السرطان، وكانت هناك تجربة طويلة ومؤلمة مع العلاجات الزائفة لمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز.) ولست متأكداً عموماً على وجه اليقين بشأن تفاقم سوء المعلومات المغلوطة حول الصحة العامة على امتداد حياتي. ولا يتعزز عدم اليقين لدي إلا عندما أقوم بفحص واقعي لمقدار المعلومات العامة المغلوطة التي كانت موجودةً على مدى العقود الستة الماضية. فقد اعتاد كثيرون من الخبراء وأفراد الجمهور على الاعتقاد بأن اقتصاد الاتحاد السوفييتي كان على ما يرام. واعتقدوا أن حرب فيتنام كانت جيدةً. ورأوا أن ضوابط الأجور والأسعار التي وضعها نيكسون كان لها ما يسوّغها. فبعض أسوأ المعلومات المغلوطة اليوم تعود إلى ما يُفترض أنه ماض رائع.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …