الشرق اليوم- من المنتظر أن يطالب وفد من المشرّعين الليتوانيين نظراءهم في الكونغرس الأمريكي بنشر قوات عسكرية أمريكية دائمة في ليتوانيا، بعدما تأججت مخاوف الحلفاء على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو بسبب إقدام روسيا على حشد قواتها بالقرب من أوكرانيا وداخل بيلاروسيا.
كانت الولايات المتحدة قد نشرت عدداً صغيراً ومتبدّلاً من الجنود في أنحاء ليتوانيا منذ عام 2019، لكن يأمل كبار المسؤولين المحليين منذ فترة طويلة أن يصبح وجودها العسكري دائماً، إذ أصبح هذا الطلب أكثر إلحاحاً بعد تعميق التعاون العسكري بين بيلاروسيا المجاورة وموسكو.
قبل أيام أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية نشر 3 آلاف جندي أمريكي في شرق أوروبا تزامناً مع نقل ألف جندي من ألمانيا إلى رومانيا، ومن المنتظر أيضاً أن ينتقل ألفا جندي إضافيان من “فورت براغ” إلى ألمانيا وبولندا.
قال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي: “هذه القوة مُجتمعةً تدرّبت وتجهّزت لأداء مهام متنوعة وردع الاعتداءات وطمأنة حلفائنا والدفاع عنهم، لكنها ليست وحدة دائمة”، واليوم، أصبح 8500 جندي آخر في حالة تأهب قصوى في الولايات المتحدة، وهم يستعدون لانتشار محتمل في أوروبا.
رغم ذكر مبدأ الحياد العسكري في دستور بيلاروسيا، زاد اتكال رئيس البلد، ألكسندر لوكاشينكو، على روسيا لتقوية مكانته بعد الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في عام 2020، غداة الانتخابات الرئاسية التي اعتُبِرت على نطاق واسع مزوّرة، ومن المتوقع أن تنظّم بيلاروسيا استفتاءً دستورياً في وقتٍ لاحق من هذا الشهر، وقد يُمهّد هذا الاستحقاق لبقاء لوكاشينكو في السلطة حتى عام 2035 والتخلي عن مبدأ حياد البلد والتزامه بالامتناع عن تصنيع أسلحة نووية.
سبق أن عبّرت الدول المجاورة عن استيائها من تصرفات لوكاشينكو الغريبة، بما في ذلك ليتوانيا، ففي السنة الماضية، اتُّهِم مسؤولون بيلاروس باستغلال آلاف طالبي اللجوء والمهاجرين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتشجيعهم على السفر إلى ليتوانيا، حتى أنهم سيقوا بالقوة عبر الحدود إلى بولندا وليتوانيا في بعض الحالات، وبعد حملة قمع وحشية ضد المعارضين، هرب آلاف البيلاروس إلى ليتوانيا المجاورة، بما في ذلك زعيمة المعارضة البيلاروسية سفياتلانا تسيخانوسكايا، واليوم، يستعد البلد لوصول موجة محتملة أخرى من اللاجئين من أوكرانيا.
في شهر يناير أعطت وزارة الخارجية الأمريكية الإذن لإستونيا ولاتفيا وليتوانيا بإرسال صواريخ أمريكية مضادة للدبابات والطائرات إلى أوكرانيا، بعدها أنشأت حكومة ليتوانيا مهمة استكشافية في أوكرانيا لتقييم حاجات البلد في ظل تجدّد التهديدات الروسية.
كانت ليتوانيا، التي تشمل أقل من 3 ملايين نسمة، قد تعرّضت للاحتلال من الاتحاد السوفياتي في عام 1940 وبقيت تحت سيطرة موسكو إلى أن كسبت استقلالها في عام 1990، وتركت تجربة البلد مع الاحتلال السوفياتي أثراً عميقاً في نفوس السكان.
تسعى ليتوانيا اليوم إلى تقوية دفاعاتها ضد روسيا، لكنها عالقة في الوقت نفسه داخل مواجهة محتدمة مع الصين، ففي شهر مايو الماضي، انسحبت فيلنيوس من كتلة اقتصادية ودبلوماسية تجمع بين دول وسط وشرق أوروبا والصين، معتبرةً هذا التحالف محاولة لتقسيم أوروبا، وحاولت بكين من جهتها استغلال استياء شرق أوروبا ودول البلقان من بروكسل عبر تقديم القروض والاستثمار في البنى التحتية، لكنها حققت نتائج مختلطة.
في نوفمبر 2021، فتحت تايوان مكتباً تمثيلياً لها في فيلنيوس، فثارت حفيظة الحكومة الصينية التي تعتبر الجزيرة ذاتية الحُكم جزءاً من أراضيها، وفي الأسبوع الماضي، رفع الاتحاد الأوروبي دعوى أمام منظمة التجارة العالمية واتّهم بكين بالانتقام من ليتوانيا عبر فرض قيود تجارية على منتجاتها. تقول لايما ليوسيجا أندريكيني، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في ليتوانيا، إن فيلنيوس تقدّر الدعم الذي عبّرت عنه الولايات المتحدة وأستراليا والاتحاد الأوروبي خلال ذلك الخلاف: “لقد تلقينا تضامناً كبيراً من جميع دول الاتحاد الأوروبي، وكانت مؤسسات الاتحاد أيضاً داعمة جداً لنا”.