الرئيسية / مقالات رأي / على جبهتين

على جبهتين

افتتاحية صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – يبدو أن الولايات المتحدة تريد توجيه رسالة إلى كل من روسيا والصين بأنها تستطيع أن تخوض حرباً على جبهتين في وقت واحد. فعلى الرغم من أن جبهة أوكرانيا ملتهبة، فإن واشنطن التي تريد تمدد حلف «الناتو» إلى حدود روسيا الغربية، تخوض معركة مماثلة مع الصين للحيلولة دون تمدد أذرعها الاقتصادية والتقنية والتجارية والسياسية والاستثمارية الهائلة إلى مختلف دول العالم، من خلال إقامة تحالفات وشراكات مع أستراليا واليابان والهند، لمواجهة تصاعد القوة الصينية.
وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، الذي وصل إلى أستراليا لإجراء محادثات مع وزراء خارجية تحالف «كواد»، الذي يضم الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان، لم يُخفِ الغاية من هذه الزيارة عندما قال «إن احتمال قيام روسيا بغزو أوكرانيا هو في صلب اهتمامات الحكومة الأمريكية»، غير أنه شدد على أن «الأهمية» التي توليها واشنطن لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في مواجهة الصين لا تزال قائمة، رغم المستجدات الأخيرة في أزمات الشرق الأوسط وشرق أوروبا.
الوزير الأمريكي أبلغ الصحفيين في الطائرة التي أقلته إلى أستراليا «العالم مكان كبير.. اهتماماتنا دولية وجميعكم يدرك هذا». والحقيقة أن الولايات المتحدة تعتبر معركتها ضد الصين وروسيا واحدة، رغم اختلاف المسافات والأسباب. ذلك أن البلدين عقدا العزم على تشكيل تحالف استراتيجي ضد الولايات المتحدة التي تعتبرهما عدوّين، ووضعت خططها العسكرية والاقتصادية والسياسية على هذا الأساس، ثم هما يدركان أن المعركة مع الولايات المتحدة، أكانت في أوكرانيا وشرق أوروبا، أم في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي وتايوان، لا تنفصلان، لأن أي طرف ينتصر في معركة سوف تنعكس نتائجه على الطرف الآخر.
هنا يجب عدم التهوين من حالة الصراع القائمة، ولا من نتائجها، لأنها تدخل في صميم الصراع على قمة النظام الدولي، والتحالفات التي تقام هنا، وهناك، هي جزء أساسي من أدوات الصراع. وقد نجحت الولايات المتحدة في ضم أستراليا واليابان والهند في تحالف واحد ضد الصين، مستغلة الخلافات التاريخية بينها، واللعب على الهواجس الأمنية، إذ قال بلينكن بعد محادثاته مع وزراء الخارجية الأربعة «إننا نشترك في مخاوفنا من أن الصين كانت تتصرف في السنوات الأخيرة بشكل أكثر عدوانية في الداخل، وأكثر عدوانية في المنطقة، وربما خارجها بالفعل»، وهذا يعني أن تصنيف الدور الصيني في آسيا بالعدواني، وتصنيف الدور الروسي في أوروبا بالعدواني، يؤكد أن الولايات المتحدة لا تضع خطاً يميز علاقاتها مع كل من موسكو وبكين إلا من خلال درجة المصالح والتنافس.
ويبقى السؤال؛ هل هو الوقت المناسب للولايات المتحدة كي تخوض معركة على جبهتين في مواجهة عدوّين لا يجوز التقليل من قوتيهما؟

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …