بقلم: د.نجاة السعيد – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – تعد أزمة أوكرانيا الآن من أهم المواضيع على الساحة العالمية، خاصة مع التصعيد الروسي بوصول قوات جديدة إلى الحدود مع أوكرانيا، لذلك نجد الكثير من المحللين يحاولون جاهدين تحليل تأثير هذه الأزمة من الناحية الجيوسياسية، خاصة على منطقة الشرق الأوسط، ومن أكثر المحللين الذين لفتوا نظري في تحليله الموضوعي للأزمة هو ديفيد بولوك، «زميل أقدم» في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومدير مشروع فكرة، لأن تحليلاته تبنى على دراسات مسحية.
فقد سلط ديفيد بولوك الضوء في تحليله للأزمة وتأثيرها على الشرق الأوسط من الناحية السياسية وخاصة على القوى المرتبطة بروسيا مثل إيران وتركيا، وأيضاً تطرق إلى التأثير الجيوسياسي للغاز من كبار مصدّري الطاقة في الشرق الأوسط، مثل المملكة العربية السعودية وقطر، خاصة إذا جرى فرض عقوبات صارمة ضد صادرات روسيا الحيوية من الغاز إلى أوروبا في أعقاب غزوها لأوكرانيا.
وبالرغم من محاولة بعض المحللين في واشنطن لإيجاد الحلول للتغطية على الموقف الضعيف لإدارة بايدن في مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، باحتمالية وجود مقايضات بين الملفين الأوكراني والإيراني؛ أي عقد اتفاق نووي مع طهران بوساطة روسية من أجل المساومة مع موسكو بشأن أوكرانيا، أو على الأقل تخفيف التركيز على الملف النووي الإيراني من جدول الأعمال لبعض الوقت، من أجل زيادة التركيز العالمي على أوكرانيا، إلا أن هذه التحليلات لم تجدِ نفعاً بسبب موقف النظام الإيراني المساند تماماً لروسيا بسبب اعتماده عليها دبلوماسياً واقتصادياً بشكل كبير جداً، ولهذا يعترض على أي تهديدات ضدها، وهذا واضح في وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية التي تؤكد أن التحالف الإيراني الصيني الروسي سينهي هيمنة الغرب، والمقصود بها تحديداً الهيمنة الأميركية.
أما الموقف التركي فجاء ليمسك العصا من الوسط، وقد شكل تصريح الرئيس أردوغان بأنه إذا غزت روسيا أوكرانيا، فإن تركيا ستفي بالتزاماتها تجاه حلف «الناتو» مفاجأة كبرى، وقد وصلت بعض الطائرات العسكرية التركية من دون طيار إلى أوكرانيا، لكن يرى بعض المحللين على الرغم من كل ذلك علاقات تركيا الحساسة مع روسيا ترغم أنقرة على موازنة هذه المصالح التنافسية بدقة وتجنب النزاع في أوكرانيا، أو على الأقل التعامل مع هذا الملف بحذر.
أما بالنسبة للجانب المتعلق بالطاقة، فالمصادر البديلة في الشرق الأوسط في حال إذا انقطعت الصادرات الروسية ضعيفة جداً، وبالرغم أن صادرات قطر من الغاز واحتياطاته كبيرة، إلا أن هناك تعقيدات لوجستية وتعاقدية لإعادة توجيهها إلى أوروبا.
ومن أهم ما ذكره «بولوك» أن على الموقف الأميركي أن يكون أكثر حزماً بشأن قضايا الشرق الأوسط، سواء أكان ذلك في سوريا، أم العراق، أم إيران، أم اليمن، أم في أي دولة أخرى لاستعادة مصداقية واشنطن في المنطقة لمواجهة احتمالية التقاء شرق أوروبا بالشرق الأوسط.