الرئيسية / مقالات رأي / ضمانات أمنية متبادلة

ضمانات أمنية متبادلة

الشرق اليوم-  في عام 1962 كان العالم على شفير حرب نووية بسبب أزمة الصواريخ الروسية في كوبا، وتم تجاوز تلك الأزمة أيام الرئيس الأمريكي كيندي والزعيم السوفييتي خورتشوف، بأن أعطيت كوبا ضمانات أمنية أمريكية بعدم غزوها كما حصل في السابق، كما سحبت الولايات المتحدة صواريخ نووية من تركيا مقابل سحب الصواريخ الروسية من الجزيرة.

 وعندما تطالب روسيا اليوم بضمانات أمنية موثقة، لأنها تشعر بأن أمنها بات مهدداً جراء توسع حلف الأطلسي باتجاه حدودها الغربية، ومحاولات ضم أوكرانيا إلى حلف الأطلسي ونشر قوات أطلسية في دول أوروبا الشرقية التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، إنما هي تمارس حقها الطبيعي في حماية أمنها، لشعورها بأن الدول الغربية وخصوصاً الولايات المتحدة تسعى لمحاصرتها تمهيداً للانقضاض عليها من الداخل في الوقت المناسب.

 موسكو حددت هواجسها الأمنية بمذكرة أرسلتها إلى الولايات المتحدة وحلف الأطلسي، وتدعو فيها إلى اتخاذ جملة إجراءات أمنية متبادلة يتم الاتفاق عليها في إطار اتفاقية يتم توقيعها بين الطرفين، منها “أن الطرفين لا يتخذان ولا يشاركان بشكل منفرد أو ضمن تحالفات عسكرية أو منظمات دولية في أية إجراءات تضر بأمن أحدهما الآخر”، و”أن يلتزم الطرفان بمبادئ الأمم المتحدة، وعدم استخدام أراضي دول أخرى لتحضير أو تنفيذ هجوم عسكري أحدهما على الآخر”، و”أن تتعهد الولايات المتحدة بمنع الناتو من التمدد شرقاً وعدم انضمام دول جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق إلى الحلف، وعدم إقامة قواعد عسكرية في الجمهوريات السابقة غير المنتمية إلى الحلف”، و”التعهد بعدم تسيير قاذفات ثقيلة محملة بالأسلحة النووية تشكل تهديداً للدول الأخرى، وعدم نشر صواريخ متوسطة وقصيرة المدى وأسلحة نووية خارج حدودهما”.

 هذه الهواجس سمعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما المطول في الكرملين يوم أمس الأول، ثم حملها إلى كييف؛ حيث عرضها على الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، ثم على المستشار الألماني أولاف شولتس الذي عاد من واشنطن بعدما اجتمع مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وبحثا في المطالب الروسية الأمنية.

 ماكرون عرض في برلين نتائج محادثاته مع بوتين وزيلينسكي على المستشار الألماني بحضور الرئيس البولندي أندريه دودا، أكد الرئيس الفرنسي بعدها “العمل سوياً على مقترحات لحل الأزمة”، وقال: “علينا إيجاد طرق ووسائل معاً للانخراط في حوار حازم مع روسيا”، مشدداً على “أن هذا هو المسار الوحيد لتحقيق السلام في أوكرانيا”. فيما قال شولتس إن ألمانيا وفرنسا “موحدة” في هدف المحافظة على السلام في أوروبا عبر الدبلوماسية والرسائل الواضحة والرغبة المشتركة في التحرك معاً.

 الموقف الأوروبي واضح وهو العمل على حماية القارة وتجنيبها ويلات الحرب، وهي تدرك تماماً أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال ضمانات أمنية متبادلة بينها وبين روسيا، وهو ما يجري العمل عليه.. وذلك يحتاج إلى جهد وثقة متبادلة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …