بقلم: د.حازم قشوع – صحيفة “الدستور”
الشرق اليوم – لا يوجد مصطلح يمكن وصفه للعلاقات الأمريكية الأردنية إلا أنها علاقة استراتيجية عميقة ليس فقط للعلاقة التاريخية بين البلدين التي تمتد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ولا للجوانب الأمنية التي تربط البلدين والتي وصلت إلى حدود الغرفة المشتركة لكن من واقع الزيادة الملحوظة على حجم العناية الأمريكية بالأردن والتي كما اشتملت على الجوانب السياسية جاءت أيضا بالنواحي الاقتصادية التي اشتملت على رفع روافد النواحي المالية الداعمة للخزينة والأخرى التجارية التي تسعى لتوسيع آفاق التعاون التنموي والمعرفي بين البلدين هذا إضافة لبرنامج مساعدات متمم يشمل تبادل الخبرات التدريبية والتكنولوجية.
وعلى الرغم من ذلك كان يعتبر بعض السياسيين أن العلاقة الأردنية الأمريكية هي علاقة عادية لكون برنامج العناية هذا تحصل عليه إسرائيل ومصر مع بعض الفوارق التي تستلزمها معادلة حفظ ميزان القياس العام في نظام الضوابط والموازين والتي توائم بين الموارد البشرية والعسكرية ومسؤولية الحفاظ على أمن جميع الأطراف وهذا ما كان يجعل مقياس هذه العلاقة أمرا عاديا ذا أبعاد استراتيجية يمكن البناء عليها لكن أن تحول هذه العلاقة من مرحلة البناء إلى منزلة الاعتماد هذا ما جعل بعض المراقبين يعيدون حساباتهم تجاه الأردن ومكانته بعد انتهاء مرحلة المخاض الجيوسياسي القائمة لاسيما بعد قامت الولايات المتحدة الامريكية بتقديم مقاتلات من طراز F16 المتطورة مع كل مستلزماتها العسكرية بمبلغ يقدر (4.21 مليار دولار) للأردن وتكون هذه الصفقة ممولة بالكامل من قبل الإدارة الأمريكية من خلال وحدة التمويل الأجنبي العسكري وهو الأمر الذي لم تحظى به دول من المنطقة فإن هذا الأمر جعل من قوام هذه العلاقة عند كثير من السياسيين تصبح علاقة الاستراتيجية العميقة ويمكن الاعتماد عليها بتشكيل عناوين سياسية جديدة.
هذه العناوين التي بدأت تتشكل من المدخل السياسي إثر اللقاء الذي جمع الرئيس جو بايدن مع جلالة الملك في البيت الأبيض والذي حمل رسالة داعمة للنظام وأهمية ديمومته وأما العنوان الآخر فلقد بينته الاتفاقية العسكرية التي كانت أول اتفاقية يوقعها الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض وفي اليوم الأول لاستلامة لسلطاته الدستورية وهذا ما حمل رسالة لأهمية المكان والدور الأردن وأما العنوان الثالث فلقد انصب تجاه الرسالة السياسية واسعة التأثير التي قام بها جلالة الملك في تكوين مرجعية أمنية وازنة ومتزنة تحفظ حالة الأمن والاستقرار للمنطقة ومجتمعاتها عبر استراتيجية عمل تبعد المنطقة عن التصادم والصدام وتبنى مربعات جديدة تقوم على احترام ذاتية المجتمعات.
وهو ما جعل من بعض أنظمة المنطقة تعيد إنتاج ذاتية موقفها حتى أصبحت التي لم تكن مقبولة داخل منظومة العمل يمكن إدخالها والأخرى التى كانت مطرودة يعاد إنتاجها داخل المنظومة وهي رسالة الاحتواء التي انسجمت مع سياسة الرئيس جو بايدن في واشنطن وكما مع القيادة المركزية الوسطى في فلوريدا التي تمتلك بوصلة التوجه وعنوان الاتجاه الأمر الذي يجعل من الأردن أحد أهم المرشحين لقيادة نموذج جديد على مقياس سياسي ضابط للإيقاع العام على أن يتواءم ذلك ببرنامج عمل ذاتي تتعزز عبره حالة الأمان القائمة على قاعدة من المواطنة والحاكمية الرشيدة وهو ما يعكف جلالة الملك على تنفيذ مشتملاته عبر برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري ليكون الأردن قادرا على المشاركة بإعادة صياغة عناوين المنطقة عبر حركة إصلاحات داخلية وعلاقات استراتيجية عميقة مع الولايات المتحدة.