افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – تواجه القمة الإفريقية الـ35 المنعقدة في أديس أبابا، جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية الشائكة والمعقدة، وتشكل تحدياً لها كمنظمة إقليمية قادرة على حلها بروح إيجابية تتوخى مصلحة القارة ودولها، خصوصاً ما يتعلق بتحويل قراراتها إلى برنامج عمل حقيقي، وقدرة على تنفيذها.
لعل ما تعانيه القارة من أزمات مثل الانقلابات العسكرية الأخيرة في عدد من دولها في الساحل الغربي، إضافة إلى مواجهة جائحة كورونا، وانتشار الإرهاب، وتفشي الفساد، وإصلاح المنظمة، وتعيين الأعضاء الجدد في أجهزة الاتحاد، وتجاوز حالة الانقسام المتعلقة بمساعي منح إسرائيل صفة العضو المراقب، كلها أمور تشكل تحدياً للاتحاد في هذه المرحلة التي يفترض أن توحّد فيها القارة قواها وسياساتها لمواجهة تحديات هائلة تواجه العالم اليوم.
إن اتساع رقعة الإرهاب في عدد من دول القارة، خصوصاً في منطقة الساحل، وعدم القدرة على مواجهته، يفرض على الاتحاد الإفريقي أن يتعامل معه بجدية أكثر لحماية القارة من نتائجه وتداعياته، ما يستدعي نهجاً جديداً يأخذ في الاعتبار أن هذا الخطر بات جدياً، ويجر القارة نحو التطرف، ويعيق كل عمليات التنمية.
كذلك فإن الانقلابات العسكرية الأخيرة في بوركينا فاسو، ومالي، وغينيا، تعني أن الديمقراطية في القارة لا تزال هشة، وأنها تواجه العودة إلى زمن الانقلابات العسكرية والدكتاتوريات التي مارست أعتى أشكال الفساد وانتهاك حقوق الإنسان. وقد أثبتت الإجراءات العقابية التي اتخذت ضد الجماعات العسكرية التي نفذت الانقلابات الأخيرة، أنها غير مجدية، وتحتاج إلى مراجعة كي تكون فعّالة ورادعة.
وهناك أيضاً جائحة كورونا التي كانت ثقيلة جداً على القارة، إما بسبب عدم التنسيق بين دولها من خلال الاتحاد الإفريقي وأجهزته، أو من خلال نقص الإمدادات الطبية وفشل الأنظمة الصحية، وعدم وصول اللقاحات الكافية إلى دول القارة من خلال منظمة الصحة العالمية، واحتكار الدول الكبرى والشركات هذه اللقاحات، وحرمان دول الجنوب منها.
ويشكل الفساد المستشري في بعض دول القارة، نموذجاً لفقدان الشفافية والحكم الرشيد، وقدرة أرباب السلطة والمال على نهب المقدرات والثروات من خلال علاقات مشبوهة مع شركات ودول أجنبية.
وقد أضيف إلى كل هذه القضايا، قرار رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى الفقي، بمنح إسرائيل صفة عضوية مراقب، ما أحدث انقساماً بين الدول الأعضاء؛ الأمر الذي رفضته مصر والجزائر وجنوب إفريقيا، ووصفته بـ«المؤسف والخطر»، ويتعارض مع المصلحة العليا لإفريقيا التي تتجسد في وحدتها ووحدة شعوبها.
القضايا المطروحة على طاولة القمة الإفريقية، عليها مناقشتها وتقديم إيضاحات بشأنها للحؤول دون تفاقمها، فهي كبيرة وتصل إلى حد التحدي الوجودي للاتحاد الإفريقي.