بقلم: جمال الكشكي – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – يوماً بعد الآخر، يتبدل المشهد في ليبيا؛ تحديات داخلية وخارجية تفرض نفسها، الصورة ليست في أفضل حالاتها، المشوار الذي قطعته المكونات السياسية طوال الفترات الماضية عاد من جديد، الحديث الآن عن خريطة طريق، تبدأ من المربع الأول، المهمة ليست سهلة، الأوضاع الليبية تزداد تعقيداً، فشل الرهانات على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يوم 24 ديسمبر الماضي، أمر يهز الثقة، في المقبل الليبي.
ثمة خلافات حول تشكيل حكومة جديدة، اختيار كوادر على قدر مسؤولية المرحلة، مهمة عاجلة بتوقيع مجلس النواب، الاثنين المقبل موعد ولقاء المرشحين للحكومة الجديدة، اللحظة فارقة، الكفاءات جزء من الحل، سباق المكونات السياسية مستمر، كل يتبارى في تصدر المشهد، الطريق إلى الانتخابات الرئاسية مليء بالمطبات، الدولة الليبية يلفها أنين عقد مضى، فاض الكيل بها، لم تعد تحتمل التجريب مرة ثانية، الاستقرار الليبي هدف وواجب وطني، لا بد أن تسعى إليه جميع الأطراف، الحكومة الجديدة تنتظرها مهام جسيمة، مهمتها تمهيد الطريق إلى الانتخابات، وخلق أجواء يطمئن من خلالها المواطن للخروج إلى صناديق الاقتراع، بناء الدولة الليبية يجب ألا يكون قطعة قطعة، دولة بهذا التاريخ وهذه الجغرافيا لا بد من حمايتها بدستور دائم للبلاد، الإقامة في المراحل الانتقالية تتعارض مع بناء الأمم.
قطار خريطة الطريق تحرك، العبرة بالخواتيم، الأعمال تقاس بالنتائج، يحدونا الأمل في الوصول إلى مسار دستوري، ينطلق من المفاهيم الوطنية، ويعمق مفهومها لدى الشعب الليبي، لجنة خريطة الطريق قالت إن تعديل مشروع قانون الدستور يتم على قدم وساق، إذا جرى إقرار التعديل الدستوري في مجلس النواب، فسيكون لدى هذه اللجنة 15 يوماً للاجتماع، ثم 45 يوماً لتعديل القضايا الخلافية الموجودة في الدستور، وإذا جرى التوافق على تعديل الدستور، فسيحال المشروع المعدل إلى المفوضية العليا للانتخابات، ويجرى الاستفتاء بثلثي الليبيين، وإذا قالوا نعم فسنخرج بدستور دائم للبلاد، والانتخابات بعدها، وهذا المسار يحتاج 12 شهراً، وإذا لم يقر الليبيون الدستور في الاستفتاء الأول، فسيتم عرضه بعد 60 يوماً للاستفتاء الثاني، وإذا قالوا نعم، فستتم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خلال عام وأربعة أشهر، وفق دستور دائم.
نعم ليبيا تستحق التكاتف والتضامن، من أجل الوصول إلى دستور دائم، يقود إلى الاستقرار، وحماية وصون مؤسسات الدولة الوطنية، هنا وقفة واجبة، خريطة الطريق تتحدث عن نفسها، الوقت كالسيف، لا بد من استثمار الفرصة، المسارات كاشفة، والإرادة فاصلة، تنفيذ مراحل خريطة الطريق ليس صعباً، يحتاج فقط إلى الوطنيين المخلصين، الهادفين إلى استعادة الدولة الليبية لعافيتها.
كل الأطراف السياسية في اختبار صعب، الوصول إلى المستقبل يحتاج عزيمة وروحاً وطنية، تسمو على الخلافات والصراعات الصغيرة، يتطلب إعلاء قيمة المصالح العامة، كل الشواهد والمؤشرات تقول إن الأوضاع لن تحتمل مزيداً من التجارب في ليبيا، خريطة الطريق هي الفرصة الأكبر، إنجازها سيكون فارقاً، وتعطيلها سيهوي بالقضية الليبية إلى قاع الفوضى والتخريب، وسوف يفتح الأبواب أمام التنظميات الإرهابية والمرتزقة والميليشيات، للتمدد والانتشار، داعش بدأ ينشط في الجنوب الليبي، ويحاول فتح جيوب جديدة في أنحاء متفرقة.
صناديق الاقتراع يملؤها الليبيون أنفسهم، العبور من هذه المرحلة المتأزمة قرار لن يتحقق إلا بدافع ليبي – ليبي، الأطماع الدولية والإقليمية مستمرة، قطع الطريق أمام التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الليبية لن يحدث دون استكمال جميع الاستحقاقات الدستورية، الأوضاع على الأرض تقول إن السيناريوهات مفتوحة، اختيار السيناريو الوطني هو المنهج الإجباري للعبور، لاستعادة الدولة الليبية، توحيد المؤسسة العسكرية، والحفاظ على استقرار البنك المركزي، وحماية المقدرات النفطية، ووضع مسار أمني يضمن تنفيذ خريطة الطريق، وتشكيل حكومة جديدة، قادرة على توفير جميع الضرورات الحياتية للمواطن، هذه رسائل رئيسية ومركزية لجميع المكونات السياسية الفاعلة في هذا التوقيت الصعب، حتى لا تظل القضية الليبية في دائرة مفرغة.