افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – للاحتفال باليوم العالمي للأخوّة الإنسانية أكثر من بُعد ورمز ودلالة في الإمارات، التي أصبحت مرجعية لقيم التآخي الإنساني، وفضاء يترسخ فيه التضامن والتعايش بين مختلف الجنسيات والأديان والثقافات. فعلى هذه الأرض تولد المعاني السامية وتزدهر ضمن نهج ترعاه القيادة الرشيدة بالتوجيه والممارسة والمبادرات، إيماناً منها بأن ما يجمع الإنسانية أكبر مما يفرّقها، وأن المستقبل سيكون أجمل إذا انتصرت الإنسانية لقيم المحبة والخير.
من هذه الأرض، وقبل ثلاث سنوات وقّع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وثيقة الأخوّة الإنسانية، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وقد كان ذلك التوقيع حدثاً تاريخياً سرعان ما تبنّته الأمم المتحدة ليكون الرابع من فبراير يوماً عالمياً للأخوّة الإنسانية اعترافاً بهذا الإنجاز واعتزازاً به، لأن المجتمع الدولي الذي أنهكته الصراعات والحروب والأزمات أحوج ما يكون إلى مثل هذه المقاربات السامية، كتلك التي تضمنتها وثيقة الأخوّة الإنسانية الموقعة في عاصمة التسامح أبوظبي.
الاحتفال بهذا اليوم، احتفاءٌ بالإمارات أيضاً لما وفرته من أرضية واقعية وتشريعية، جعلت من مضامين الوثيقة أسلوب حياة قولاً وفعلاً. كما أن إحياء هذه الذكرى، انتصار لقيم التسامح ونشر لفضيلة السلام وتعزيز لثقافة الحوار، وتأكيد على وشائج العيش المشترك. وكل ذلك نابع من الإيمان المطلق بأن الخير أقوى من نوازع الشر، وسواعد البناء أشد وأثبت من معاول الهدم، والتطلع إلى المستقبل الأفضل لا يتم إلا بالأخذ بأسباب التغيير، وهذا المشروع، الذي ولد في الإمارات وانطلق منها، وضع منظومة من العمل المتضامن والتعاون متعدد الأطراف، ورسم طريقاً للخلاص، على أمل أن يكون الأخذ بمبادئ الأخوّة الإنسانية حالة عالمية تتبنّاها كل الدول والمنظمات وتحياها المجتمعات، حتى تتمكن البشرية من مواجهة التحديات القائمة، وتدخل عصراً جديداً يليق بما وصلت إليه البشرية من تقدم ورقي، فلا معنى لحضارة لا تُعلي الأمن على الفوضى، والسلام على الحرب، والتسامح على العنصرية.
وثيقة الأخوّة الإنسانية، التي رعتها الإمارات، أصبحت ميثاقاً جامعاً للسلام العالمي والعيش المشترك، بما تقوم به من جهود مخلصة لتوطيد الإخاء الإنساني حول العالم، وبما تدعو إليه من مبادرات ومشروعات تحض على الارتقاء بالإنسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه. وبفضل روح هذه الوثيقة يمكن للدول والمجتمعات أن تحل أزمانها وتدير اختلافاتها الحضارية والثقافية بقوة الحوار والتسامح، كما وفرت للحكومات أسس وضع خطط إعلامية وتربوية وتعليمية وثقافية متكاملة وناجعة، تمكن من صياغة نموذج للتعايش تستفيد منه الأجيال المقبلة على مستوى العالم. فضمان المستقبل يحتاج حكمة في التخطيط والبناء، تعطي الأولوية المطلقة لنبذ التعصب والتصدي لخطاب الكراهية ونشر قيم التسامح والعدل والمساواة، فهذه القيم التي تضمنتها وثيقة الأخوّة الإنسانية، ستكون رافعة البناء والازدهار والأمن، كي يتمكن الجميع من العيش في هذا العالم بأخوّة وسلام.