الرئيسية / مقالات رأي / أوكرانيا… ومعركة التوازن العالمي الجديد

أوكرانيا… ومعركة التوازن العالمي الجديد

بقلم: أسعد عبود – النهار العربي 

الشرق اليوم – تحشد روسيا وحلف شمال الأطلسي القوات براً وبحراً وجواً. وتجري مناورات ومناورات مضادة في أوروبا. وترسل روسيا قوات إلى بيلاروسيا المجاورة لأوكرانيا، بينما تدفع الولايات المتحدة بقوات ومقاتلات إلى جمهوريات البلطيق التي تعتبر الخط الأمامي للأطلسي في مواجهة روسيا. وتستمر أيضاً شحنات الأسلحة الأميركية والبريطانية بالوصول إلى كييف. وفي المقابل تنظر موسكو في إرسال أسلحة إلى الانفصاليين في شرق أوكرانيا.   

سيناريوات كثيرة متداولة لما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة على صعيد التطورات في الأزمة الأوكرانية. البعض يرجح غزواً روسياً محدوداً، والبعض الآخر يتوقع أن تعترف موسكو بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين اللتين تضمان غالبية من الروس. ويذهب متابعون للوضع وخبراء عسكريون إلى حد توقع إقدام موسكو على ربط شرق أوكرانيا، أي منطقة الدونباس بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014، وصولاً إلى منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا. والخطير في الأمر أن هذه المنطقة تقع على حدود رومانيا العضو في حلف شمال الأطلسي.   

في غضون ذلك، يهدد الغرب روسيا بعقوبات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة في حال أقدمت على أي تحرك عسكري داخل أوكرانيا. ويشير المسؤولون الأميركيون بالتحديد إلى فصل روسيا عن النظام المالي العالمي المعروف بـ”سويفت”، فضلاً عن عقوبات أخرى من شأنها تحويل روسيا دولة معزولة على غرار إيران.   

وفي خطوة لإقناع الدول الأوروبية بعدم التخوف من احتمال إقدام روسيا على قطع إمدادات الغاز عن دول أوروبية، بدأت واشنطن مساعي مع قطر لتحويل شحنات من غازها إلى أوروبا، كما أن الولايات المتحدة نفسها شرعت في إرسال سفن محملة بالغاز إلى أوروبا، لتعويض أي نقص محتمل في هذه الإمدادات في حال نشوب الحرب. 

وإذا ما أضفنا إلى ذلك، سحب عائلات الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين والاستراليين من كييف، ونصيحة واشنطن للرعايا الأميركيين بمغادرة أوكرانيا “الآن”، فإن المشهد يزداد قتامة وضبابية.

ولم يأتِ الردان الأميركي والأطلسي المكتوبان على المطالبة الروسية بضمانات أمنية ترتكز إلى تعهد بعدم ضم أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف الغربي وسحب الولايات المتحدة قوات وأسلحة نشرتها في جمهوريات سوفياتية سابقة، كانت انضمت فعلاً إلى الحلف في العقود الثلاثة الأخيرة، على قدر ما تتوخاه موسكو، على رغم أن الكرملين أعلن استعداده لإجراء المزيد من الحوار مع الولايات المتحدة ومع الأطلسي وفي إطار مجموعة النورماندي الرباعية.  

كل هذه الأجواء الملبدة تنذر بتصعيد في الأيام المقبلة. ويذهب مسؤولون أميركيون إلى حد ترجيح فرضية إندلاع الحرب في النصف الثاني من شباط (فبراير) الجاري.   

ولا تترك التطورات الميدانية والسياسية المتسارعة، مساحة واسعة للتفاؤل باحتمال تجنب نشوب مواجهة، يبدو أنها تتعدى أوكرانيا، إلى خلق توازن دولي جديد، إنطلاقاً من الساحة الأوروبية.  

الولايات المتحدة تتهم روسيا بأنها تسعى إلى استعادة “الإمبراطورية” التي فقدتها بتفكك الاتحاد السوفياتي قبل 30 عاماً.

وروسيا تتهم أميركا بالمضي بتطويقها استراتيجياً من خلال مضي حلف شمال الأطلسي بالزحف شرقاً نحو الحدود الروسية، وما محاولة ضم أوكرانيا وجورجيا إلا خطوة تصب في هذا الاتجاه، وأن روسيا اليوم غير روسيا في التسعينات، التي خرجت ضعيفة ومفتتة من الحرب الباردة.   

إنها إذاً مسألة التوازن الدولي الجديد الذي تحاول روسيا فرضه، بينما تتمسك أميركا بالتوازن الذي نشأ على أنقاض جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة واختفاء الاتحاد السوفياتي، وتالياً نشوء القطب العالمي الواحد!!!

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …