افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – إعلان مصدر أمني عراقي عن مقتل ثلاثة «دواعش» لبنانيين بضربة جوية استهدفت التنظيم في منطقة العظيم في محافظة ديالي، كانوا شاركوا في الهجوم على موقع عسكري عراقي في المنطقة خلال الأسبوع الماضي، أدى إلى مقتل 11 جندياً، كما أن الخبر الذي نشر في عاصمة شمالي لبنان (طرابلس) عن مصرع ستة شبان من أبناء المدينة كانوا يقاتلون إلى جانب «داعش» في العراق، يؤكد المعلومات التي كانت راجت في الآونة الأخيرة عن التحاق ما بين ثلاثين وأربعين، وربما أكثر، من شبان المدينة وجوارها، بهذا التنظيم الإرهابي.
وكان سبق ذلك إعلان الجيش اللبناني في سبتمبر/أيلول الماضي، القبض على خلية تضم عدة أشخاص، تعمل لمصلحة «داعش» في المدينة، كانت قد اغتالت أحد العسكريين، وأشار بيان الجيش يومها، إلى أن هذه الخلية كانت تسعى إلى تجنيد أشخاص آخرين في صفوفها.
يبدو أن هذه المعلومات لم تفاجئ لا أهالي المدينة، ولا المسؤولين؛ ذلك أن معلومات كانت قد انتشرت منذ أشهر تفيد بأن هناك عدداً من شبان المدينة قد اختفوا، وأن عدداً من الأهالي اتصلوا بالأجهزة الأمنية لإبلاغها باختفاء أبنائهم، حيث رجحت مصادر في المدينة أنه تم استدراجهم للالتحاق بـ«داعش» في العراق، مقابل راتب شهري يصل إلى 200 دولار وتهريبهم عبر سوريا من خلال شبكات تهريب تعمل لمصلحة التنظيم الإرهابي، مستغلة الظروف الاقتصادية الصعبة، وحالة الفقر والبطالة التي يعانيها الشبان اللبنانيون.
تراكمت المعلومات حول اختفاء هؤلاء الشبان، حيث أكد وزير الداخلية بسام المولوي (ابن المدينة) التحاق 34 شاباً من طرابلس بتنظيم «داعش»، في حين تكتمت الأجهزة الأمنية على تحديد العدد الحقيقي.
المتابعون لهذه القضية يقولون إن رجال الدين والمسؤولين في المدينة استنفروا في محاولة لاسترداد من تم تضليلهم وغسل أدمغتهم عبر خلايا تعمل في المدينة، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، و«إغرائهم بالمال والجنة الموعودة»، حتى إن بعض هؤلاء عمدوا إلى تكفير أهاليهم ودعوتهم «للدخول مجدداً في الإسلام، والامتناع عن بعض الممارسات المنكرة مثل مشاهدة التلفزيون».
يذكر أن «ظاهرة داعش» كانت تفشت في المدينة قبل نحو سبع سنوات مع صعود نجم هذا التنظيم الإرهابي، حيث تم استقطاب عشرات الشبان الذين قاتلوا في صفوفه في العراق وسوريا، حيث قضى كثيرون منهم، وعاد بعضهم، وتولى عدد منهم مناصب قيادية في التنظيم. وبعد أفول هذه الظاهرة لسنوات يبدو أن «داعش» عاود تنظيم صفوفه، وبدأ في عمليات تجنيد واسعة لدعم نشاطه، وكانت طرابلس إحدى الجهات الرخوة المفضلة لديه، مستغلاً الوضع المعيشي الصعب لأبناء المدينة، إضافة إلى حالة التطرف التي برزت في الآونة الأخيرة.
لا شك في أن هناك محاولات مستميتة لـ«شيطنة» هذه المدينة، من خلال الضرب على وتري الفقر والتطرف الديني، وهو ما يقتضي اليقظة لإنقاذها وإنقاذ لبنان من براثن الإرهاب.