بقلم: عايض عبدالله الوبري – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – خلال أيام، تستحدث المملكة العربية السعودية وللمرة الأولى في تاريخها الحديث مناسبة وطنية جديدة، تزيد من الولاء والانتماء إلى هذه البلاد الطاهرة، عبر استحضار تاريخها القديم بكل أحداثه وتجلياته، في صورة يوم وطني جديد، يحمل اسم «يوم التأسيس»، نحتفل به جميعاً في 22 فبراير من كل عام، هذا اليوم هو امتداد طبيعي لأحداث اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، الذي نحتفل به في 23 سبتمبر من كل عام.
ويؤكد يوم التأسيس حقيقة واضحة المعالم، وهي أن المملكة صاحبة تاريخ قديم ومهم، مليء بالأحداث والإنجازات والتجارب الإنسانية، التي أثمرت عن تحولات حياتية مهمة نعيشها اليوم، ويمتد هذا التاريخ إلى ثلاثة قرون مضت، يتخللها تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود سنة، عام 1727م، حيث انطلق من الدرعية، في رحلة بناء دولة عظيمة، شكلت واحدة من أهم المشاريع الوحدوية لم تعرفها الجزيرة العربية منذ قرون طويلة، وبعدها بسبع سنوات، انطلقت الدولة السعودية الثانية، فيما قامت المملكة العربية السعودية بعد 10 سنوات فقط من الدولة السعودية الثانية، وهو ما يؤكد على امتداد الدولة ووضوح المبادئ الراسخة التي قامت عليها.
لم يكن يوم التأسيس ليرى النور، لولا الحرص الذي أبداه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان على تسليط الضوء على تاريخ الدولة السعودية كاملاً أمام الأجيال المقبلة، ليتعرفوا على الجهود التي بذلها الآباء والأجداد، وكيف تحملوا الصعاب، وواجهوا التحديات من أجل القضاء على أسباب الفرقة والشتات والضعف التي سيطرت على القبائل في الجزيرة العربية، وصولاً إلى المملكة الثالثة الحالية، التي أسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن على ثوابت إيمانية لا تلين، ومرتكزات قوية إلى أن أصبحت دولة عصرية حديثة، يشار لها بالبنان في كل المجالات والأنشطة.
علينا نحن السعوديين أن نفخر بتاريخنا العريق، ونعتز برموزنا، وأن نتباهى بما حققوه من إنجازات نوعية، سطرها تاريخ الجزيرة العربية بأحرف من ذهب، ولعل أبرز إنجاز يجب أن نحتفي به جميعاً، هو شعار التوحيد الذي قامت عليها هذه البلاد، وحرص الملوك والأئمة السابقين على نبذ كل أسباب الضعف والشتات، وتحكيم كتاب الله وسنة نبيه، في تجربة إنسانية «استثنائية»، تحسب لهذا البلد وقادته على 300 سنة مضت.
ومن هنا، يجب أن يكون احتفالنا الأول بيوم التأسيس في 22 فبراير المقبل، احتفالاً مغايراً، مليء بالفخر والاعتزاز بتاريخ هذه البلاد، ونبين للعالم كيف كانت المملكة قبل 300 عام، وكيف أصبحت اليوم، وكيف نجح الإنسان السعودي إعادة صياغة التاريخ كيفما شاء، وكيف تغلب على مصاعب الحياة، ووصل إلى ما وصل إليه اليوم من تطور وحضارة وثقافة وقوة لا يستهان بها.