بقلم: كاظم الحسن – وكالة الأنباء العراقية “واع”
الشرق اليوم – ما يحدثُ من تصعيدٍ سياسي وعسكري روسي، متمثل بحشود عسكرية على الحدود الاوكرانية الروسية، أصاب الغرب الذهول والفزع وهدد بحرب اقتصادية، غير مسبوقة في حال إقدام روسيا على غزو أوكرانيا، في حين يطلب بوتين من الغرب ضمانات ألا تكون أوكرانيا ضمن حدود حلف الناتو وهو ما يعده تهديدا للأمن القومي الروسي.
ربما تشكل الاستجابة السريعة بإرسال قوات روسية إلى أوزبكستان بعد التظاهرات الصاخبة التي عمت هذا البلد في الآونة الأخيرة، رسالة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، على أن الدول السابقة المنضوية تحت مظلة الاتحاد السوفيتي خط أحمر يجب التوقف عنده.
هذه المواقف الروسية المتشددة تعبر عما تحدث به الرئيس الروسي عن أسفه لسقوط الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991، وصف هذا التفكك بأنه انهيار لروسيا التاريخية وكشف أنه اضطر للعمل كسائق أجرة (تاكسي) لزيادة دخله، وقد تثير هذه التصريحات إلى التكهنات حول نواياه تجاه أوكرانيا الجمهورية السوفيتية السابقة.
هذا الربط بين انهيار الاتحاد السوفيتي وعمله كسائق أجرة، يشير إلى الأجهزة العسكرية والأمنية على أن التنازل عن الجمهوريات السوفيتية السابقة قد يؤدي بهم إلى اختيار عمل لا يرغبون به، وأن استعادة المجد الامبراطوري ضرورة ملّحة ومهمة لا بد منها. وهذا الأمر سوف يندرج على الكثير من دول أوروبا الشرقية التي اختارت الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما تعدّه موسكو تهديدا للأمن القومي الروسي.
قد يكون قضم روسيا لجزيرة القرم هو البداية للقرارات العسكرية الروسية، لا سيما بعد غياب أي رد غربي على هذا الغزو، ربما هذا الذي حفز بوتين، على تكرار المحاولة مع أوكرانيا. يبدو أن ردود الفعل الغربية، التي تقف عند أعتاب العقوبات الاقتصادية، لن تنفع في كبح جماح روسيا وهي تعيش لحظة عزّها القومي، الذي ليس له حدود.
بوتين يدرك أن العقوبات الاقتصادية فشلت مع طهران وكوبا وكوريا الشمالية والعراق، حيث لم يؤثر الحصار الاقتصادي في نظام البعث الفاشي، بل تغول النظام على حساب الشعب. النتيجة إن الغزو آت لاريب فيه وهو مسألة وقت ويتوج بوتين قيصر روسيا، على أنه أعاد أمجادها من جديد بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي السابق، الذي يصفه بوتين بأنه أكبر كارثة لروسيا في القرن العشرين، حيث يشبه هذا الحدث انهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى والتي اطلق عليها رجل أوروبا المريض.
أعتقد بأن الغزو الروسي لن يتعدى هذا العام، لأن الجيش الروسي لن يبقى مرابطا بلا نهاية على الحدود الروسية الأوكرانية، ما لم يقدم الغرب تنازلات وضمانات لروسيا، بِشأن حدودها ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.