الشرق اليوم- التقى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بممثلي العائلات الفرنسية والأوروبية التي ولدت في الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، وهي التي يطلق عليها بالفرنسية اسم “بيه نوار” (Pieds Noirs)، أي الأقدام السوداء، ملمحا إلى ضرورة الاعتراف بالمجزرة التي وقعت في شارع إيسلي عام 1962.
والأقدام السوداء، هم من الفرنسيين والأوروبين الذين ولدوا في الجزائر خلال فترة الانتداب الفرنسي، ولكنهم عادوا إلى موطنهم الأصلي بمجرد حصول الجزائر على الاستقلال.
وقال ماكرون، الأربعاء، إن “مجزرة” شارع إيسلي بالجزائر في مارس 1962، التي راح ضحيتها عشرات الضحايا الأوروبيين من أنصار الاستقلال، حادثة “لا تغتفر”.
وشدد ماكرون أمام جمعيات تمثل فرنسيين ولدوا في الجزائر خلال فترة الاستعمار ثم انتقلوا إلى وطنهم الأم بعد الاستقلال، إن “مجزرة 5 يوليو 1962” في وهران بالجزائر التي ارتكبت قبيل ساعات من إعلان استقلال الجزائر رسميا، والتي راح ضحيتها عشرات الأوروبيين، وبالدرجة الأولى فرنسيون، يجب أن “يتم الاعتراف بها”.
وأكد أن “جنودا فرنسيين أطلقوا في ذاك اليوم النار على فرنسيين”، واصفا ما جرى بأنه “مجزرة”، مشيرا إلى أن فرنسا بعد مرور 60 عاما “يجب أن تعترف بهذه المأساة”، التي تسببت بموجة هجرة الأقدام السود إلى جنوب فرنسا آنذاك.
وشدد ماكرون على الحاجة إلى “مصالحة” بشأن الصراع في الجزائر، في إطار مساعيه لمعالجة الإرث الاستعماري الفرنسي في شمال أفريقيا قبل محاولته إعادة انتخابه هذا الربيع، بحسب التقرير.
وقال ماكرون إنه يتعين على فرنسا “قول الحقيقة حتى عندما يكون ذلك مؤلما”، و “توضيحها” حتى لو كان لابد من “سحبها من الظل”.
وسعى ماكرون، أول رئيس فرنسي ولد بعد حرب استقلال الجزائر في الفترة 1954-1962، خلال السنوات الخمس التي قضاها في منصبه إلى اتخاذ خطوات نحو الاعتراف بوحشية الصراع الجزائري، الذي يكتنفه السرية والإنكار.
ويأتي تحرك ماكرون الأخير للتصدي لماضي فرنسا الاستعماري وذلك قبل الذكرى الستين لاستقلال الجزائر. بينما يواصل المرشحون اليمينيون المتطرفون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية الربيعية التركيز على قضايا الهجرة والإسلام.
وعام 2018، أقر ماكرون بأن الجيش الفرنسي أنشأ “نظاما” سهل التعذيب في سعيه إلى التمسك بحكمه الممتد على مدى 130 عاما في البلاد – وهو اعتراف تاريخي من فرنسا.
والعام الماضي، طلب ماكرون الصفح عن إخفاقات فرنسا تجاه الجزائريين المعروفين باسم “الحركيين”، وهو مصطلح غالبا ما يثير الازدراء للمسلمين الجزائريين الذين ساعدوا الفرنسيين في حرب الاستقلال الوحشية التي استمرت ثماني سنوات وواجهوا التمييز والفقر في فرنسا.
كما قال ماكرون، الخريف الماضي، إن عملية الشرطة الدموية ضد المتظاهرين الجزائريين في باريس في 17 أكتوبر 1961، والتي أدت إلى عشرات الوفيات التي لم يتم التحقيق فيها بشكل قانون، ترقى إلى مستوى الجرائم.
وكان مجلس الشيوخ قد صوت في قراءة أولى على مشروع قانون لطلب “الاعتذار” من الحركيين ومحاولة “إصلاح” الأضرار التي عانوا منها، لكن عددا من النواب أكدوا أن القانون لا يمكن اعتباره “تصفية لكل الحساب”.
وتمت المصادقة على النص ليل الثلاثاء الأربعاء بإجماع المصوتين (331 صوتا بنعم، وامتناع 13 عن التصويت).
وجاء القانون ليشكل ترجمة تشريعية لخطاب ألقاه ماكرون في 20 سبتمبر الماضي في قصر الإليزيه أمام ممثلي هؤلاء الجزائريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي، لكن فرنسا “تخلت عنهم”.
المصدر: الحرة