الشرق اليوم – انتقدت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في افتتاحيتها، الرئيس التونسي قيس سعيّد، وقالت إنه يقود البلاد في طريق خطر، ودعته إلى احترام الديمقراطية والتركيز على المشاكل الاقتصادية للبلاد، وطالبت المجتمع الدولي باستخدام نفوذه للضغط على سعيّد لكبح ميوله الاستبدادية.
وقالت الصحيفة إن الانتهاكات لحقوق الإنسان بالمحاكمات العسكرية للمدنيين واعتقال نواب المعارضة وغيرهم من منتقدي حكومة سعيّد والضرب بالهراوات وسكب المياه بالخراطيم على المتظاهرين السلميين يحدث في تونس، مهد “الربيع العربي” والتي -حتى وقت قريب- تم الترحيب بها باعتبارها الدولة الوحيدة القادرة على الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية بعد الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت الشرق الأوسط في عام 2011.
وأضافت أن هذه الانتهاكات هي بعض الأمثلة فقط من بين الإشارات العديدة المقلقة التي تشير إلى أن تونس في خطر العودة إلى الاستبداد الذي انتفض ضده ملايين التونسيين بشجاعة قبل عقد من الزمان، وحملت مسؤولية هذه الانتهاكات للرئيس سعيّد شخصيا.
وقالت إن سعيّد يخطط لإجراء استفتاء على الدستور، ويشتبه في أنه يريد تعزيز سلطاته من خلال إعادة البلاد إلى رئاسة تنفيذية، على غرار تلك التي تمتع بها زين العابدين بن علي، فيما سيكون بمثابة تراجع آخر عن المكاسب التي تحققت بعد الثورة.
وأكدت أن سعيّد أخفق في تحقيق الشيء الوحيد الذي ينتظره شعبه بشكل عاجل، وهو خطة اقتصادية قابلة للتطبيق للتعامل مع المظالم الطويلة الأمد للتونسيين الذين يعانون من ارتفاع معدلات البطالة وتدهور مستويات المعيشة، مشيرة إلى أن مطلب تحسين مستويات المعيشة هو السبب في تمتع سعيّد بالدعم الشعبي لاستيلائه الوقح على السلطة، حيث أصيب كثيرون بخيبة أمل من الأحزاب السياسية القائمة والائتلافات الضعيفة والمتشاحنة التي ميزت سنوات ما بعد الثورة وأدت إلى وجود 10 حكومات في البلاد خلال عقد من الزمن.
وأوضحت أن تونس مثقلة بالفعل بالديون الباهظة بشكل خطير وتعد إحدى الدول العربية الأكثر عرضة لتضخم أسعار الغذاء وارتفاع أسعار النفط. وبدلا من وضع رؤية لمعالجة أمراض البلاد التي تفاقمت بسبب الوباء، اختار سعيّد إلقاء اللوم على الفساد ومنتقديه.
وقالت الصحيفة إنه كلما طال أمد المشاكل الاقتصادية، تآكلت شعبية سعيّد بشكل أسرع، وزاد خطر إحباط التونسيين مرة أخرى، مؤكدة أن العودة إلى دكتاتورية على غرار دكتاتورية بن علي بدون ضوابط وتوازنات لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.
وختمت فايننشال تايمز بالقول يجب على المجتمع الدولي استخدام نفوذه للضغط على سعيّد، لكبح ميوله الاستبدادية، محذرة من أنه إذا استمر من دون رادع، فهناك خطر حقيقي من أن ما تبقى من ديمقراطية فاعلة في العالم العربي سوف يتم نقله إلى التاريخ.
ترجمة: الجزيرة