الرئيسية / مقالات رأي / هل التّصعيد العسكريّ في أوكرانيا خدعة روسيّة؟

هل التّصعيد العسكريّ في أوكرانيا خدعة روسيّة؟

بقلم: رندة تقي الدين – النهار العربي

الشرق اليوم- يشغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العالم الغربي الذي ما زال يتساءل: هل التصعيد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا الشرقية ومناوراته على الحدود الشمالية لجهة بيلاروسيا، ثم مناوراته في البحر الأسود وفي القرم المتوقعة في الأيام القليلة المقبلة، هو خدعة من بوتين، أم أن موسكو تحيط أوكرانيا من كل الجهات استعداداً لغزوها؟

التصريحات الروسية تدّعي أن روسيا لن تغزو أوكرانيا، وأن ردود الفعل الغربية تنبع من  هستيريا في الغرب، فيما يدق الحصار العسكري الروسي لحدود أوكرانيا كافة ناقوس الخطر من احتمال هجوم روسي. وإذا لم يكن في الأمر خدعة، وقام بوتين فعلاً بغزو أوكرانيا، فسيتسبب بحرب في القارة الأوروبية.

ما يظهر من تحركات بوتين العسكرية أنه أرسل ما يقارب مئة ألف جندي الى حدود أوكرانيا، مع أعداد كبيرة من المدرعات وغيرها من السلاح الثقيل. وهو كان قد نشر السنة الماضية على موقع الكرملين نصاً يتناول فيه العلاقة بين روسيا وأوكرانيا، ويقول فيه إن الشعبين هما واحد، ما يذكّر بأقوال حليفه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي عندما كان يسأل متى ينسحب الجيش السوري من لبنان كان  يرد بأن كل عائلات سوريا مرتبطة بأهلها في لبنان. وحتى اليوم، ومنذ التصعيد ضد أوكرانيا لم يتكلم بوتين عن نياته، ما جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن يقول إن لا أحد يعرف ماذا في ذهن بوتين. وعقد بايدن مؤتمراً بالفيديو ليلة الاثنين مع نظرائه الأوروبيين لإظهار وحدة الصف الغربية بوجه بوتين إذا قام بغزو أوكرانيا.

قبل ذلك، كانت المواقف مختلفة. ولكن بعد زيارة مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل بون نظيره الأمريكي جيك سوليفان في البيت الأبيض، الجمعة الماضية، تم توحيد الموقف بعدما كانت فرنسا وألمانيا تختلفان حول التقييم الأميركي لنيات بوتين. وعاد بون يؤكد عزم رئيسه على تخفيض التصعيد العسكري الروسي. وحذر ماكرون نظيره الروسي من غزو أوكرانيا، ومن أنه إذا فعل فسيتعرض الى عقوبات وخيمة. وعُقد بعد ظهر الأربعاء في باريس اجتماع ضم إيمانويل بون ونظيره الألماني جنز بلوتنر ونائب الوزير الروسي دميتري كوزاك ومدير الرئاسة الأوكرانية أندري يرمك، في إطار مساعي فرنسا لخفض التصعيد العسكري الروسي.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون سيتصل بالرئيس الروسي الجمعة، وبالرئيس الأوكراني زلنسكي أيضاً. وفرنسا التي هي على تواصل مستمر مع بوتين قلقة جداً من الموقف الروسي، خصوصاً أن بوتين أعاد الى الكنف الروسي ثلاث جمهوريات كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي هي بيلوروسيا وأرمينيا وكازاخستان، وهي الآن تحاصر أوكرانيا. والمعضلة الأوروبية أنه إذا فُرضت عقوبات على روسيا فستتأثر دول أوروبا كثيراً، لأنها تعتمد اعتماداً كبيراً على الغاز والنفط الروسيين. فألمانيا أغلقت معامل تعمل على الطاقة النووية، وهي بحاجة ماسة الى الغاز الروسي في فترة تحول طاقتها الى المتجددة. وفرنسا أيضاً تعتمد اعتماداً كبيراً على الغاز الروسي، و35 في المئة من احتياجات الطاقة الأوروبية من النفط تُستورد من روسيا. وأسعار الغاز التي حلقت في أوروبا سترتفع كثيراً، وفرنسا بغنى عن ذلك في فترة انتخابات الرئاسة في بداية نيسان (أبريل). في المقابل، تعاني روسيا تراجعاً كبيراً في اقتصادها، وتحتاج الى عائدات نفطها وغازها إذا عوقبت.

لكل ذلك، تبذل فرنسا ومعها ألمانيا جهوداً كبيرة لتجنب الخوض في مواجهة مع الرئيس الروسي، وماكرون حريص على الاستمرار في الحوار مع روسيا منذ أن تولى الرئاسة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …