بقلم: عاطف الغمري – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- هذه الموجات المقلقة والمتدفقة من جميع الاتجاهات محذرة من إمكان انزلاق الديمقراطية الأمريكية إلى منزلق خطر، بدت كمن يرفع الغطاء عن مرجل يغلي بالزيت، فبدأ الجميع يشعرون بفوران حرارته الشديدة، وينتابهم قلق متزايد، وشاركتهم وسائل الإعلام المخاوف من انهيار الديمقراطية.
هذه المخاوف كانت نتيجة تقديرات لأخطار يمكن أن تقع، لو أن ترامب فاز في انتخابات 2024، وهو ما وصفته مجلة “ذي هيل” بأن أمريكا سوف يحكمها حينئذ حزب واحد وفاشٍ.
شاركت في الكشف عن هذه المخاوف استطلاعات للرأي لمؤسسة إيبسوس، أظهرت أن الأمريكيين متشائمون بشأن مستقبل الديمقراطية في بلادهم. وشاركتها وسائل إعلام عديدة منها مجلة “أتلانتيك”، التي نشرت رؤية تشاؤمية تحت عنوان “أمريكا ليست مستعدة لفترة رئاسة ثانية لترامب، وأن انقلاب ترامب القادم قد بدأ بالفعل. وليس ببعيد احتمال سقوط الديمقراطية”.
وتساءلت صحيفة “وول ستريت جورنال”: من الذي سيهدد الديمقراطية، لو أن ترامب فاز في عام 2024؟!
أبرز الذين قاموا بدق أجراس الإنذار التي تردد صداها بين وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية، عالم السياسة البروفيسور الكندي توماس هومر ديكسون، الذي أعلن أن الولايات المتحدة قد تخضع لحكم دكتاتوري يميني، إذا أعيد انتخاب ترامب. وقد تشهد حرباً أهلية عام 2030. وسوف يكون لترامب هدفين في حالة عودته للبيت الأبيض هما تبرئة سمعته، والانتقام. وبحلول عام 2025 يمكن أن تنهار الديمقراطية الأمريكية، مما ينجم عنه عدم استقرار بالغ، يؤدي إلى أعمال عنف على نطاق واسع.
وبحلول عام 2030 أو قبل ذلك، يمكن أن تقع أمريكا تحت حكم دكتاتورية يمينية.
مجلة “نيوزويك” نقلت عن البروفيسور ديكسون قوله إن جنرالات سابقين بالجيش الأمريكي يخشون من حدوث تمرد يقود إلى حرب أهلية إذا جاءت نتيجة انتخابات 2024 غير مقبولة من قطاع من العسكريين.
نفس المعلومات أكدها مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، لثلاثة من الجنرالات المتقاعدين، نبهوا فيه الجيش ليكون مستعداً لانتفاضة في عام 2024. وقالوا: نشعر جميعاً نحن كبار العسكريين السابقين بقلق من تداعيات انتخابات الرئاسة القادمة، وليس من الغريب القول إن انهياراً عسكرياً قد يؤدي إلى حرب أهلية، لأن بعض الأفراد في الخدمة الأمنية قد يتعهدوا بالولاء للخاسر (ترامب) رفضاً للاعتراف بالهزيمة. وكان أحدهم وهو الجنرال بول إيتون قد حذر من قيام عناصر مارقة داخل الجيش بمحاولة انقلاب عقب إعلان نتائج انتخابات 2024. وهذه المحاولة قد تكون ضئيلة، إلا أنه شدد على الاستعداد لأي احتمالات.
صحيفة “وول ستريت جورنال” استشهدت بما كتبه روبرت كيجان عضو مجلس العلاقات الخارجية، ومعهد بروكنجز من تحذير بقوله نحن بالفعل في قلب أزمة دستورية، بسبب عدم اليقين مما سيترتب على استمرار رفض ترامب وأنصاره لهزيمة انتخابات 2020.
صحيفة “الجارديان” البريطانية تحدثت عن احتمال سيطرة الجمهوريين على الكونجرس مع إعادة انتخاب ترامب، وإعلان رفضهم القبول بفوز الديمقراطيين.
ومن جانبه، تحدث البروفيسور إد بيلينجتون عن مشاعر الرعب على الديمقراطية الأمريكية إذا عاد ترامب للرئاسة.
وسبق أن حذر البروفيسور ريتشارد هانسن أستاذ القانون والعلوم السياسية من أننا “نواجه خطراً عظيماً على الديمقراطية في أمريكا، كما نعرفها الآن، والتي قد تصل إلى نهايتها عام 2024”.
ولعل أشباح هذه الأزمة قد لا تكون ولادة اليوم فقط؛ بل إنها ذات جذور سبق أن غُرست في التربة السياسية من قبل، ومنها الاعتقاد بأن سطوة المال في العملية الانتخابية أقوى من فرص التصويت والاختيار. وهذا المعنى أعلنه منذ سنوات الرئيس الأسبق جيمي كارتر في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز”، وكررت نفس المعنى إليزابيث دول المرشحة السابقة في انتخابات الرئاسة، والتي انسحبت فجأة، وحين سئلت من الصحافة عن أسباب انسحابها، قالت لأنه ليس عندي المال الذي يمكنني من الاستمرار في السباق الانتخابي.
وحتى بعد هزيمة ترامب في الانتخابات الأخيرة أمام منافسه جو بايدن، فإن حشود المحبطين الذين أعطوه أصواتهم، تحولوا إلى نوع من التكتل الائتلافي الذي تصاعد تعصبه لترامب، إلى الحد الذي اندفعوا فيه نحو الهجوم على مبنى الكونجرس في 6 يناير الماضي، واعتقال العديد منهم وهم يحملون أسلحة نارية، استخدموا بعضها وهددوا باللجوء إليها، هؤلاء قدرت أعدادهم بالملايين، وهنا وجه الخطر.
من ثم شاعت المخاوف، والتوقعات للاحتمالات المثيرة للقلق، ولم يقتصر وقعها على التحذير منها من جانب البعض؛ بل اتسع نطاق الحديث عنها من أعداد لا يستهان بها من كبريات الصحف الأمريكية، إضافة إلى مراكز الفكر السياسي، والبحوث السياسية، وعدد من أساتذة العلوم السياسية المتخصصين في قضايا الديمقراطية.