بقلم: م. هاشم نايل المجالي – صحيفة “الدستور”
الشرق اليوم – كلنا يعلم أن العالم الافتراضي قد أفرز وأنتج مجتمعات افتراضية لها ميزاتها وخصوصياتها التي تميزها عن المجتمعات المحلية، حتى أصبح هناك مواطن افتراضي، حيث تم تشكيل هوية رقمية التي تميز مجتمعات اليوم عن غيرها، في ظل هذه التحولات المتسارعة، في وسط منفتح على ثقافات متعددة جاذبة لتشكيل إنسان كوني أو افتراضي حيث أن اعتماد الإنسان على التقنيات العلمية في مجالات متعددة (تكنولوجيا المعلومات) والاتصال والتواصل، لتوفيرها التسهيلات تشكل عاملاً أساسياً للتطور حتى التسلية أصبح لها عالم افتراضي خاص بها والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة المواطن اليومية، وأصبح الأمر يؤثر على الفرد سياسياً وثقافياً واجتماعياً.
وكما نعلم هناك حسنات وسيئات ومخاطر للتكنولوجيا الرقمية، وأصبح هناك ابتكارات جديدة للإنسانية، وأبرز هذه التقنيات الرقمية هي الشبكات الاجتماعية، والتي تعتبر بالنسبة للفرد هوية رقمية افتراضية، يقوم الفرد بتكوينها بمقاييس معتبرة تمكنه من إظهار الشخصية الذاتية التي هو يريدها.
أي أننا أمام هويات شخصية هي هوية رقمية، تستثمر المعلومات وتشارك بالرأي والتعبير بسقف مفتوح، وأصبحت تؤثر على هوية الفرد الواقعية، وتؤثر على العلاقات الاجتماعية وما لها من تأثيرات ونتائج وفعل سلوكي ظاهر، أو مظهر صادر عن إرادة حرة أو بتأثير خارجي، حيث أن الفعل الاجتماعي مرتبط بالذات ويحمل دلالة وهدف وهذا أدى إلى تخريب وإخلال في الهويات الفردية أو الجماعية حتى قلصت شخصيتها الاعتبارية فالهوية بشكل عام تتعلق بفهم الناس وتصورهم لأنفسهم، ولما يعتقدون أنه مهم في حياتهم.
والهوية مجموعة السمات الروحية والفكرية والعاطفية التي تميزه وتميز مجتمعاً بعينه، والقيم والتقاليد والمعتقدات والتطورات والمتغيرات المستجدة نتيجة هذا الانفتاح الكوني، والتي أصبحت تتغلغل تدريجياً في عمق حياتنا، وكثقافة يومية تولد وتنمو وتتغير وتتعايش مع الأزمات.
أي أن الهوية ليست شيء يعطى تقليدياً، بل هو شيء يخلق لا يشعر به كل إنسان، كوعي مباشر يعيش معه ليعي ذاته فيما بعد، ثم يأتي الوعي الذاتي وثم الوعي بالعالم الذي يحيط به لتصبح منظومة متكاملة من المعطيات المادية والنفسية والمعنوية.
وهناك علاقات مفتوحة ومغلقة، ويقصد بالمفتوحة الارتباطات التي يقبل فيها الغرباء أو غير الأقارب أو غير المنتمين إلى طبقة اجتماعية معينة، بينما العلاقات المغلقة فهي الارتباط المحصور بين الأقارب والمعارف والمصالح المشتركة.
فدوافع العلاقات الاجتماعية نفسية وروحية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والمساعدة على الاندماج والتكيف والشعور بالأمان والاطمئنان والراحة النفسية، وإنشاء هوية متزنة سوية بعيداً عن تأثير المحرضين ضد الوطن، الذين يخلقون التوتر والقلق والعصبية بمعلومات مستقاة بطرق سلبية ومفبركة إعلامياً ولغوياً.