بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – بعد فترة طويلة من المفاوضات الشاقة مع إيران، وبعد أن كان الفشل أقرب للنجاح، عادت وتغيرت مؤشرات التفاوض، واقتربت الولايات المتحدة من التوقيع على اتفاق مع إيران يقضي على طموحها بامتلاك سلاح نووي في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
صحيح أن خلافات التفاصيل أو الضغوط أو المغامرات الإسرائيلية قد تعرقل في اللحظات الأخيرة التوقيع على الاتفاق، لكن السؤال الكبير: ما هي علاقة توقيع الولايات المتحدة على اتفاق مع إيران بأدواتها في المنطقة، وهل سيؤدي هذا الاتفاق، في حال إتمامه، إلى المساعدة في جلب الاستقرار في أكثر من ساحة عربية مثل لبنان والعراق واليمن؟ أم سيعطي إيران مزيدا من أوراق القوة في المنطقة بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها؟
الحقيقة أن المشاهد المتعارضة التي جاءت من لبنان واليمن، تقول إن الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، فحضور وزراء حزب الله وحركة أمل لاجتماع مجلس الوزراء اللبناني بعد أشهر من المقاطعة جاء في أعقاب حدوث تقدم في مفاوضات فيينا، وفي نفس الوقت وجدنا تصعيدا حوثيا بهجوم إرهابي شنه على أبوظبي أعقبه رد عسكري من قوات التحالف في رسالة عكسية لمسار المفاوضات التي تتقدم.
يمكن القول إن التفاهم الأمريكي مع إيران والتوقيع على اتفاق نووي معها سيؤدي إلى إعادة تموضع الأدوات الإيرانية في المنطقة وفقا لكل سياق على حدة، فعلى عكس ما جرى أثناء حصار ترامب لإيران الذي أضعف من قدراتها الاقتصادية لكنه قوى نشاطها النووي، أما حاليا فإن رفع العقوبات والتوقيع على اتفاق سينهي نشاطها النووي وسيعطيها دفعات اقتصادية ومالية قد تعزز نفوذها في المنطقة.
فمن المهم أن يميز العرب بين الحسبة الأمريكية الأوروبية التي هدفها شبه الوحيد إيقاف برنامج إيران النووي، وبين الحسابات العربية التي أولويتها ستكون أدوات إيران ثم برنامجها النووي، مثلما كان لإسرائيل حسبتها الخاصة رغم عمق تحالفها مع أمريكا، فلم تتطابق معها بشكل كامل حتى لو اعتبرت أن إيقاف النشاط النووي الإيراني هدف مشترك بين الجانبين.
إن نظرة الإدارة الديمقراطية الأمريكية ومعها القادة الأوروبيون الثلاثة (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) تقوم على تصور «احتوائي» يرى أن إيران يمكن دمجها في المنظومة الدولية وتحويلها من معارضة من خارج النظام الدولي إلى معارضة من داخله وربما جزء منه.
من الوارد أن تنجح هذه السياسة مع إيران أو مع غيرها لأن من يضعها هي دول تقود منظومة دولية، لكن تبقى المشكلة أن إيران دولة لها أذرع عسكرية وميليشيات في كثير من الدول العربية، وبالتالي فمشكلتها مع أمريكا والمجتمع الدولي لن تحل بالكامل بدءا من مشكلة أدواتها من حزب الله، مرورا بالحوثيين وانتهاء بالميليشيات العراقية، وهذا يتطلب تصورا عربيا للتعامل مع إيران وأدواتها، يجب من الآن بحث أركانه.