الرئيسية / مقالات رأي / عودة الحرب الباردة

عودة الحرب الباردة

بقلم: علي قباجة – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- يبدو الصراع بين روسيا والغرب آخذاً في التصاعد، ولا مؤشرات في الأفق القريب تدلّ على أن ثمة سعياً لكبح هذا التسارع في التحركات المضادة الصادرة، سواء عن موسكو، عبر حشد آلتها العسكرية على حدود أوكرانيا، والتلويح باتخاذ خطوات أكثر صرامة في حال لم يستجب الغرب إلى مطالبها بعدم ضمّ كييف إلى حلف الأطلسي، والامتناع عن وضع أسلحة نووية بالقرب منها، أو واشنطن التي ترفض بصرامة “إملاءات” موسكو وخصوصاً المطلب الأول.. ولوّحت بردود صارمة وتدميرية بالتعاون مع الحلفاء الأوربيين، المنقسمين أصلاً على كيفية “ردع” موسكو.

  جو بايدن، فجّر قنبلة بتصريحاته في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمناسبة مرور سنة على تولّيه الرئاسة، حيث وضع العصيّ في دواليب أي حلول يمكن أن تتمّ قبل انجراف الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، عبر توعّده روسيا بدفع ثمن باهظ في حال غزوها أوكرانيا، بما في ذلك الخسائر البشرية الكبيرة التي ستتكبّدها، فضلاً عن الإضرار باقتصادها، لكن هذه التصريحات لم تأت من فراغ، إذ إنه توقع تحركاً عسكرياً روسياً تجاه الأراضي الأوكرانية.

  لكن بايدن حاول الحفاظ على خط الرجعة، بالقول: “إنّ الرد على أي غزو روسي، سيعتمد على حجم ما ستفعله موسكو، أي إذا اقتصرت تحركات روسيا على “توغل قليل” فإن ذلك سيكبّدها ثمناً أقل”؛ هذه الجملة التي قالها، أشارت إلى أنّ واشنطن لن تندفع بكل قوتها للمواجهة، وأنّ ردّها سيكون مرهوناً بمدى التوغل الروسي، وهو ما أثار حفيظة أوكرانيا، التي قالت على لسان أحد مسؤوليها إنّ هذا يعطي الضوء الأخضر لبوتين لدخول البلاد، لكن البيت الأبيض عاد لتدارك الأمر، مؤكداً أنّ أيّ تحرك عسكري روسي إلى داخل أوكرانيا، سيؤدي إلى ردّ صارم، كما سُمح لدول البلطيق بإرسال صواريخ أمريكية الصنع، وأسلحة أخرى إلى أوكرانيا، ودعم الأمن الأوكراني ب200 مليون دولار.

  روسيا في المقابل رفضت التصرفات الاستفزازية تجاهها، وحذرت من إرسال الأسلحة والأموال إلى كييف، ثم أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ قواتها ستجري مع دول أخرى تدريبات عسكرية بحرية مشتركة، وقبلها بأيام أعلنت مناورات عسكرية مع بيلاروسيا، في رسائل ضمنية إلى الغرب، أنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه التصعيد معها، وستردّ الصاع صاعين في حال اتخاذ خطوات تمسّ بأمنها القومي؛ فموسكو لديها الكثير من الأوراق التي قد تشهرها في وجه الغرب في حال شعرت أنّ أمنها القومي مهدّد، ومنها قطع امدادات الطاقة عن أوروبا، التي هي المتضرّر الأول من أي صراع قد يشتعل.

 المستقبل بين القوى الكبرى لا يبشر بخير، فأجواء الحرب الباردة قد عادت بقوة، وأي شرارة الآن قد تشعل العالم وتورده المهالك، لذا فإن دعوات الحوار لا بدّ أن تلقى اهتماماً، ولا حل سوى بالجلوس وتقديم تنازلات، وإلّا فإن السبيل الوحيد ستكون الحرب التي سوف تطال تداعياتها الجميع.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …