بقلم: سميح صعب – النهار العربي
الشرق اليوم – مضى عام على وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، بينما المشاكل تتراكم في وجهه على أكثر من صعيد في الداخل والخارج، ما انعكس تراجعاً في التأييد له من 55 في المئة قبل عام إلى 42 في المئة اليوم.
ويمكن القول إن السنة الثانية من ولاية بايدن ستحمل معها الكثير من التحديات أيضاً، لا سيما أنها ستكون سنة الانتخابات النصفية التي تشير التوقعات إلى أن الجمهوريين بزعامة الرئيس السابق دونالد ترامب سيفوزون فيها بالغالبية في مجلسي النواب والشيوخ. وهذا سيعني تعطيلاً للكونغرس في السنتين المقبلتين من ولاية بايدن.
ويريد ترامب الذي لا يزال ظله طاغياً على الحياة السياسية الأميركية، من دون الحاجة إلى “تويتر” أو “فايسبوك” المحجوب عنهما، أن يجعل من الانتخابات النصفية محطة أولى على طريق ترشحه للانتخابات الرئاسية و”استعادة” البيت الأبيض عام 2024. والغريب أن ترامب ومعه غالبية ساحقة من الجمهوريين، سواء على مستوى القاعدة أم على مستوى المشرعين وحكام الولايات، يتمسكون بالاعتقاد أن الانتخابات الرئاسية عام 2020 قد “سُرقت” فعلاً منهم، على رغم عدم تقديمهم الدليل على ذلك.
في المقابل، يبدو بايدن غير قادر على إقناع كل السناتورات الديموقرطيين في حزبه بفوائد خطته الضخمة للبنى التحتية ولا بإصلاح قانون التصويت، بينما لا تساعد أرقام الإصابات المتصاعدة بكورونا على إظهار نجاحات كبيرة على هذا الصعيد. ولا تزال شريحة واسعة، خصوصاً من المؤيدين لترامب، ترفض تلقي اللقاح، أو التقيد بإجراءات أخرى للحد من تفشي الوباء. ومما يفاقم في مشاكل بايدن هو ارتفاع التضخم الذي يكوي الأميركيين. ولا يزال الرئيس الديموقراطي عاجزاً عن إيجاد حل لارتفاع أسعار النفط العالمية، التي تتطلب إقناع الدول المنتجة بزيادة فعلية في الإنتاج. ولعل العامل الوحيد الذي يصب في مصلحة بايدن هو انخفاض معدل البطالة 3.9 في المئة بعدما كان 6.4 في المئة قبل عام.
كما أن بايدن الذي وعد بتوحيد الأميركيين قبل عام وإنهاء الانقسام السياسي الحاد في البلاد، الذي تجلى في اقتحام أنصار ترامب مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني (يناير) 2021، لم ينجز الكثير على هذا الصعيد، بدليل تصاعد هذا الانقسام وتزايد من يتحدثون عن حرب أهلية أو عن الانفصال.
وفي الخارج، ما كادت عاصفة الانسحاب “الفوضوي” من أفغانستان في آب (أغسطس) الماضي تهدأ، حتى انفجرت الأزمة الأوكرانية التي تهدد بتورط أميركا في حرب أخرى محتملة في أوروبا، ولو تعهد بايدن أنه لن يرسل قوات إلى أوكرانيا وسيكتفي بتسليحها للدفاع عن نفسها في مواجهة ما يبدو أنه غزو روسي وشيك.
وإلى المحيط الهادئ الذي جعله بايدن أولوية في سياسته الخارجية، باعتبار أن الصين تشكل تهديداً استراتيجياً متنامياً لجيرانها وللولايات المتحدة، تلوح في الأفق أزمة تايوان المهددة بغزو من البر الصيني، على رغم تحذيرات أميركا وحشدها نصف حاملات طائراتها في المحيط الهادئ وزيادة مساعداتها العسكرية للجزيرة.
ولا يبدو أن سياسة الأحلاف التي عمل عليها بايدن في سنته الأولى، تشكل رادعاً أمام طموحات الصين، القوة الاقتصادية الثانية في العالم، والتي تخوض منافسة اقتصادية شرسة مع الولايات المتحدة في مناطق مختلفة من العالم.
وتضيف التجارب الصاروخية المتكررة لكوريا الشمالية، مشكلة أخرى للولايات المتحدة الملتزمة الدفاع عن كوريا الجنوبية واليابان. ويزيد رفض بيونغيانغ العودة إلى طاولة الحوار مع واشنطن، من تعقيدات المشهد في شبه الجزيرة الكورية.
وفي الشرق الأوسط، لم تثمر مفاوضات فيينا التي تجري مع طهران بالواسطة، في إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي جعل بايدن من إحيائه أولوية في سياسته حيال المنطقة.
وعلى صعيد الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لم يخض بايدن في أي مسعى جدي على هذا الصعيد. واقتصر جهده على وقف النار في غزة في أيار (مايو) من العام الماضي.
وفي سوريا، لم يحدث بايدن أي تغيير في الاستراتيجية الأميركية الغامضة منذ عهد باراك أوباما مروراً بعهد ترامب.
ويبقى العراق، ساحة لتقاسم النفوذ فيها مع إيران على رغم الإعلان عن إنهاء المهمات القتالية للقوات الأميركية هناك.
وعلى رغم تعيين مبعوث خاص إلى اليمن، فإن الجهود الأميركية لوقف الحرب في هذا البلد لم تصادف أي حظوظ بالنجاح حتى الآن.