افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – لن تتوقف ردود الفعل العالمية الواسعة المتضامنة مع الإمارات في وجه الاعتداء الحوثي الغاشم على منشآت مدنية في أبوظبي وأسفر عن ضحايا مدنيين عند بيانات الإدانة والاستنكار لهذه الجريمة، بل ستتعداها إلى إجراءات عملية حازمة للجم هذه الجماعة المارقة، بعدما تمادت في انتهاك الأعراف والقوانين، واستمرت تعريض الأمن الإقليمي للخطر، فضلاً عن تنكيلها لسنوات بأبناء الشعب اليمني الشقيق في مسعى بائس لفرض أجندتها الطائفية الظلامية.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي دانت بلاده بأكثر من بيان واتصال مع قيادتنا الرشيدة استهداف الإمارات، أعلن أن إدارته تدرس إعادة تصنيف ميليشيات الحوثي منظمة إرهابية دولية، وهي الدعوة التي وجهتها الإمارات مباشرة بعد حدوث الاعتداء، فضلاً عن أن إعادة التصنيف في قائمة الإرهاب، تفرضها الممارسات الإجرامية لهذه الميليشيات التي يستخف قادتها بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة ولا يقيمون وزناً للقيم الإنسانية وأخلاق الحرب. وإزاء هذا النهج الأرعن كان لا بد من التحرك العملي لإنهاء المهزلة واستئصال التهديد وإنقاذ الشعب اليمني من المأساة المزمنة، وحماية مسالك الملاحة الدولية بحراً وجواً. فالمحاولة اليائسة لاستهداف مطار أبوظبي سبقتها قرصنة سفينة مدنية تحمل علم الإمارات في البحر الأحمر، وزرع مئات الألغام في مضيق باب المندب الحيوي، فضلاً عن الاعتداءات المستمرة على أراضي المملكة العربية السعودية الشقيقة واستهداف منشآت مدنية في جازان ونجران، وقد أدى بعض تلك الاعتداءات إلى وقوع ضحايا أبرياء.
العدوان على الإمارات تجاوز لخط أحمر دولي عريض اقترفته الميليشيات الحوثية، التي جنت على نفسها وأهدرت فرصاً علها تعود إلى الرشد، لكن يبدو أن من يدمن الإجرام والتعدي على أبسط قواعد الكرامة الإنسانية، لا يستطيع الإقلاع عن إدمانه، ولن يستطيع الخروج من كهفه المعتم، ولن يكون شريكاً لصنع السلام الذي تدعو إليه كل مرجعيات الحل في اليمن، وحثت عليه الإمارات في أكثر من مناسبة، ونصت عليه المبادرة السعودية للسلام، وبرهنت عليه تنازلات عدة قدمتها الحكومة اليمنية الشرعية.
لقد وضع السلوك الحوثي الإجرامي وتصميمه على زعزعة الاستقرار، المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، فلا مبرر بعد اليوم لمنح الفرص، أو درس النوايا، لأن كل رسائل السلام التي تم توجيهها إلى سلطة الانقلاب في صنعاء، يتم الرد عليها بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة وارتكاب المجازر بحق المدنيين في أرض اليمن، ففي كل يوم يسقط ضحايا أبرياء، ويزيد عدد النازحين واللاجئين، وتتسع الكارثة الإنسانية المؤلمة بفعل الإجرام الحوثي ونصبه واحتياله على الشرعية الدولية التي فضحت كل اداعاءاته الكاذبة.
لقد حشر الانقلاب الحوثي نفسه في زاوية، وبات عارياً من أي قيمة إنسانية أو وطنية أمام العالم أجمع، ولن يجد من يدافع عنه، بعدما أصبح لجمه مطلباً دولياً. الأصوات تتعالى من كل مكان لإعادة النظر في وضع هذه الميليشيات الانقلابية وإعادة تصنيفها، ليس في قائمة الإرهاب الأمريكية فحسب، بل في كل القوائم الدولية المكافحة للتطرف والجريمة، والقادم أعظم لهذه الفئة الباغية بعدما تجاوزت كل الخطوط الحمر وحدود الأخلاق والأعراف.