بقلم: جيمس ستافريديس – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- كل الأنظار تتجه نحو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومطالبه بشأن أوكرانيا، مدعوماً بحشد 100 ألف جندي وتعزيز للقدرات العسكرية على الحدود الروسية الأوكرانية. ويريد بوتين ضمانات بألا يسمح حلف شمال الأطلسي (الناتو) لأوكرانيا أبداً بالانضمام إلى الحلف، مما يمنحه في واقع الحال حق النقض (الفيتو) على العضوية التي تشمل حالياً 30 دولة.
ولكن ما لم يحظ باهتمام كبير هو أن هناك دولتين في الشمال تتمتعان بديمقراطيات قوية ومستقلة وتربطهما علاقات طويلة بالناتو على الرغم من أنهما ليستا عضوين فيه.
إنهما السويد وفنلندا. وفي أواخر الشهر الماضي، أدلت وزارة الخارجية الروسية بتعليقات عن البلدين مشيرة إلى استيائها من فكرة انضمامهما إلى الحلف.
هذا النهج قد يكون له نتائج عكسية على الروس، وزاد من رغبة دول الشمال الأوروبي في التفكير جدياً في الانضمام للحلف. وهذا يمثل فرصة للناتو، نظراً لطبيعة وجغرافيا البلدين وقدراتهما العسكرية.
فكيف يجب على الولايات المتحدة والحلف الاستجابة؟ حين كنت أتولى مهمة القائد الأعلى لحلف الناتو، تواصلت كثيراً مع قوات من السويد وفنلندا، وزرت كلا الدولتين عدة مرات لإجراء محادثات. فمعلوماتي الأمنية عن البلقان، على سبيل المثال، قدمها لي جنود سويديون طوال القامة، بدوا كما لو أنهم مقاتلو فايكنج العصر الحديث.
وحين كنت في فنلندا وقمت بجولة في متحف “حرب الشتاء” ضد روسيا بين عامي 1939 و1940، أمكنني أن استشعر الاعتزاز. ومن الناحية التكنولوجية، تستعمل كلتا الدولتين معدات قتالية متطورة، ولا سيما القوات الجوية السويدية، التي تستخدم طائرات “ساب جريبن” المقاتلة المنتجة محلياً.
وحقق استخدام هذه المقاتلات تأثيراً عسكرياً ممتازاً في العمليات القتالية في ليبيا في عام 2011 تحت قيادتي. وطلبت فنلندا منذ فترة قصيرة من شركة لوكهيد مارتين شراء 64 طائرة مقاتلة من طراز إف-35 الأكثر تطوراً في العالم.
كما ساهمت فنلندا والسويد بقوات كثيرة في أفغانستان والبلقان. وكلاهما يتبنى نهج التجنيد للجميع ولهما تقاليد في التدريب العسكري في المجتمع. وفي عقود الحرب الباردة، حافظت فنلندا والسويد على حيادية عالية القيمة وعلاقات دبلوماسية وتجارية مع كل من الغرب والاتحاد السوفييتي. في ذاك الوقت، دأبت استطلاعات الرأي على إظهار تأييد أغلبية قوية من السويديين والفنلنديين لفكرة أن الاستقلال عن الجانبين هو أفضل مسار.
لكن في الآونة الأخيرة، في أعقاب الغزو الروسي لجورجيا عام 2008 وأوكرانيا عام 2014، تغيرت المواقف. فقد عبر الرئيس الفنلندي سولي نينيستو، في خطابه بمناسبة العام الجديد، عن احتمال أن تبحث بلاده مسألة الانضمام للناتو. لكن استطلاعات الرأي مازالت تظهر الانقسام بين الناخبين.
ويجب على الناتو الترحيب بالفنلنديين والسويديين بأذرع مفتوحة، لكن دون ممارسة أي ضغط خارجي عليهم للانضمام. وفي محادثاتي في استوكهولم وهلسنكي مع كبار القادة العسكريين، وجدت أن أفضل نهج هو التوضيح دوماً بأنهم سيكونون موضع ترحيب في الحلف، دون تقديم أي التزام. فقد قلت في غالب الأحوال “إذا أردتم يوماً الانضمام لحلف الناتو، فأخبرونا بذلك يوم الأربعاء وستكونون معنا بحلول يوم الجمعة”.
وهذا يناقض المسار الطويل والوعر الذي سلكته دول أخرى، من مقدونيا إلى الجبل الأسود، ناهيكم عن خطط عمل بلا نهاية لحصول أوكرانيا وجورجيا على العضوية. ويتعين على الناتو الآن التأكيد بهدوء لكل من فنلندا والسويد على أن باب العضوية مفتوح، والاستمرار في إجراء مناورات عسكرية كبيرة، والترحيب بنشر الفنلنديين والسويديين في العمليات العسكرية للحلف.
ويجب على الولايات المتحدة معالجة المشكلة مع الاتحاد الأوروبي لأن السويد وفنلندا جزء من التكتل، هذا إلى جانب العمل من خلال قنوات التحالف. ضم هاتين الدولتين ذات القدرات العالية إلى حلف الناتو سيكون إضافة ضخمة للولايات المتحدة.