بقلم: رولاند أوليفانت
الشرق اليوم– إنه ومع فشل المحادثات لتجنب أزمة بين روسيا وأوكرانيا، يتمتع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخيارات عسكرية واسعة والغرب عاجز عن منعه من تنفيذ أي منها.
وأورد كاتب المقال أن بوتين يمكنه شن غارات جوية شبيهة بحملة الناتو ضد صربيا عام 1999، كما يمكنه تجربة توغل بري مدمر، كما فعل في جورجيا عام 2008، أو شن غزو كبير على غرار الحرب العالمية الثانية، وتطويق كييف، وضم نصف أوكرانيا.
وأوضح المراسل أن كل هذه الخيارات تقع ضمن قدرات الجيش الروسي استنادا إلى حجم الانتشار بالقرب من الحدود الأوكرانية البالغ حوالي 100 ألف جندي، مع المزيد من القوات في الطريق من سيبيريا. وفيما يلي هذه الخيارات:
الخيار الأول: مزيد من التخويف
هناك خيارات كثيرة يمكن أن يفعلها بوتين دون الغزو، ومنها دخول قوات روسية برية في أراضي حليفته بيلاروسيا لتهديد الحدود الشمالية لأوكرانيا، أو نقل قوات علنا إلى الجمهوريات الأوكرانية الانفصالية التي تسيطر عليها روسيا في دونيتسك ولوهانسك. وكلتا الخطوتين ستضع روسيا في نفس الوقت بوضع جيد لحرب مستقبلية، وتضع ضغطا إضافيا كبيرا على كييف وحلف الناتو للتوصل إلى اتفاق قبل الوصول إلى تلك النقطة.
الثاني: الضربات العقابية
إذا فشل الترهيب، فمن المرجح أن تتضمن الخطوة التالية لبوتين أكبر قوة لجيشه: المدفعية بعيدة المدى، الصواريخ، صواريخ كروز، الضربات الجوية التي يمكن أن تقصف من بعيد دون عقاب.
وليس لدى أوكرانيا قوة مماثلة للرد، ودفاعاتها الجوية -ومعظمها أنظمة صواريخ تعود إلى الحقبة السوفياتية- يمكن أن تسقط بعض الطائرات الروسية أثناء عمليات القصف، لكنها لا توفر سوى القليل من المظلة المضادة للصواريخ.
وسيضطر القادة الأوكرانيون إلى اتخاذ خيارات مؤلمة بشأن الدفاع عن قوات الخطوط الأمامية أو البنية التحتية الحيوية. وأي منصة أوكرانية قاذفة تكشف عن نفسها لإطلاق النار ستكون عرضة للتدمير على الفور من خلال الضربات الروسية.
والحكومة الأوكرانية تدرك المشكلة تماما، وقد ناشدت حلف الناتو من أجل توفير أنظمة باتريوت الأمريكية الحديثة، ولكن دون جدوى حتى الآن.
وإذا لم تنجح الحملة الجوية والصاروخية والمدفعية في فرض تنازلات، فستتبعها القوات البرية.
الثالث: الجسر البري الأسطوري
يفترض بعض المحللين الغربيين أن الخطوة الأولى لروسيا ستكون الاستيلاء على الطريق السريع الساحلي (M14) الذي يمتد على طول ساحل بحر آزوف بين شبه جزيرة القرم والحدود الروسية. ومن شأن هذه الخطوة إلحاق هزيمة مؤلمة بأوكرانيا، وستكون محدودة بما يكفي للتوقف إذا تطلبت الظروف السياسية.
وتنفيذ مثل هذه العملية بهذه الجبهة الضيقة سيسمح لأوكرانيا بتركيز جيشها الأصغر لمواجهة التهديد، مما يمنحها فرصة قتالية لإلحاق خسائر كبيرة بالروس إن لم يكن في الواقع هزيمتهم.
الرابع: الهجوم متعدد الجوانب
من المرجح أن يكون المخططون، في مبنى الأركان العامة المترامي الأطراف في موسكو، قد وضعوا خيارات حرب أكبر تشمل عدة محاور، وربما متزامنة، للتقدم.
قد يشهد أحد السيناريوهات عبور التشكيلات الروسية للحدود الأوكرانية إلى منطقتي خاركيف ولوهانسك. وستضطر القوات الأوكرانية المتمركزة على خط المواجهة الحالي للاختيار بين البقاء بخنادقها لمنع انفصال الجمهوريات الانفصالية، أو الانسحاب لتجنب الحصار والدمار شبه المؤكد.
وتتضمن خطة الغزو المزعومة -التي تم تسريبها ونُشرت بصحيفة بيلد الألمانية أواخر العام الماضي- عملية برمائية وجوية جريئة لمحاصرة أوديسا (أهم موانئ أوكرانيا) والاستيلاء عليها.
لكن محللين يقولون إن هذه الخطة ستكون محفوفة بالمخاطر إلى حد الانتحار، إذ سيكون على الجيش الأوكراني فعل شيء واحد هو ضرب شاطئ مزدحم بالذخائر العنقودية أو إسقاط طائرات نقل بطيئة الحركة مليئة بالمظليين.
الخامس: القيادة في كييف
عاصمة أوكرانيا ليست هدفا سهلا. سيكون سكانها البالغ عددهم 3 ملايين نسمة معادين بشكل ساحق للقوات الغازية.
تقع المدينة القديمة وأهم المباني الحكومية فيها على تلال يسهل الدفاع عنها على الضفة الغربية لنهر دنيبر، وجسور الطرق والسكك الحديدية التي يتعين على القوة المهاجمة أن تسلكها، يسيطر عليها منحدر يشبه الجرف. وتقع أقرب الجسور باتجاه مجرى النهر على بعد 60 ميلا، وفي الشمال تم بناء سدود على النهر ليصبح خزانا شاسعا.
يمكن لقوة غازية من بيلاروسيا أن تبطل تلك العقبات عن طريق عبور الحدود على الضفة الغربية.
ويختتم الكاتب بأن بوتين قد لا يحتاج إلى الجبهة البيلاروسية، أو دخول العاصمة على الإطلاق، إذ لن يكون أمام الرئيس الأوكراني، مع تدمير جيشه واحتلال نصف بلاده ووقوف المدفعية الروسية بمرمى مكتبه، سوى الاستسلام.
ترجمة: الجزيرة