بقلم: عبدالله الجنيدة – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – شهدت العاصمة الصينية في العاشر من يناير الجاري مباحثات عالية المستوى بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الصيني وانغ يي، إلا أن قراءة أبعادها المستقبلية قد تترجمه الدعوات التي وجهتها بكين لكل من وزيري خارجية إيران وتركيا لزيارة بكين في وقت لاحق من هذا الشهر.
فهل يُستدل من تلك الدعوات (تركيا وإيران) أن بكين نجحت ولو «مبدئياً» في كسب تأييد الرياض لمقاربة إقليمية جديدة برعاية صينية، وهل سيكون هدفها الأول هو خفض مستوى حدة التوتر في المنطقة خصوصاً بعد نجاح الرياض في إنجاز مصالحة خليجية خلال القمة 41 للمجلس، وإقدام أبوظبي والمنامة على إعادة علاقتهما الدبلوماسية مع دمشق، واعتماد كل من الرياض وأبوظبي لقنوات اتصال دبلوماسية مباشرة مع كل من طهران وأنقرة. كل ما تقدم مثّل تحولاً في الدبلوماسية الخليجية الاستباقية (سوريا) والاحتوائي (إيران/ تركيا).
بكين تُدرك حجم التعثر في مفاوضات فيينا، لذلك تسعى هي «على ما يبدو» للبناء على ما تقدم في تخليق مبادرة هدفها الأول التخفيض من حدة التوتر في المنطقة أولاً (أي تطوير مفهوم تقاطع المصالح الإقليمية استراتيجياً).
أما ثانياً وأخيراً، فإن ذلك يخدم مصالحها الاستراتيجية، ذلك بالإضافة لإظهار نوع من التوازن في علاقاتها مع جميع شركائها الإقليميين بما فيهم أنقرة، التي تمر بحالة من التوتر. إلا أن وضع الاقتصاد التركي وحاجته لرؤوس الأموال الخارجية ذلك بالإضافة لإعادة انتخاب الرئيس أردوغان قد يغيران الكثير من أولويات أنقرة سياسياً.
فإن كانت بكين تعمل على مقاربة إقليمية، فإنها بالتأكيد ستطال أكثر من ملف مشترك يجمع الأطراف الثلاثة وأولها إعادة الاستقرار للمنطقة انطلاقاً من الملف السوري، ثانياً عملية الانتقال السياسي في العراق، وثالثاً الأزمة اليمنية خصوصاً بعد التحول في الموقف السياسي للتحالف عسكرياً على كافة مسارح العمليات، ورابعاً الأمن الإقليمي المشترك.
موسكو وبكين ترغبان في الوصول بالمفاوضات في فيينا إلى نوع من الاتفاق الانتقالي في حال واصلت واشنطن رفضها رفع كافة العقوبات كما تشترط طهران، إلا أن نجاح بكين في التخفيض من حدة التوتر قد يغير ولو نسبياً من القواعد الحاكمة لمسارات فيينا، أو أن تدفع بطهران للقبول بالعودة لاتفاق JCPOA. وفي حال نجح حلفاء طهران في ذلك، فأنه بالتأكيد سيلقى دعماً أوروبياً حتى وأن خالفت واشنطن في ذلك.