بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – المؤشرات التي خرجت طوال هذا الأسبوع من فيينا تقول إن هناك تقدمًا في المفاوضات مع إيران، وهو ما جعل وزيري الخارجية الروسي والإيراني يعلنان إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد مع الولايات المتحدة يرفع العقوبات الاقتصادية عن إيران ويُنهي طموحها في امتلاك قنبلة نووية، وأن مصادر من المؤتمر أعلنت في الصحف ووكالات الأنباء العالمية عن أن النقاش يدور حاليًا حول التفاصيل لأن النقاط الأساسية تم الاتفاق عليها.
ورغم أنه لا يوجد حديث مؤكد خرج من فيينا حول ما إذا كان الاتفاق مع إيران سيشمل أيضًا اتفاقًا حول طريقة تعاطيها مع أذرعها المختلفة في المنطقة سواء في العراق أو لبنان أو اليمن، فإنه بدا لافتًا قبول حزب الله وحركة أمل حضور اجتماعات مجلس الوزراء اللبناني عقب مقاطعتهما له لأشهر، وهو أمر من الصعب فصله عن بداية التفاهم مع إيران.
وإذا كانت بدايات هذا التفاهم قد حرّكت الوضع في بلد مأزوم مثل لبنان، فماذا سيكون عليه الحال إذا وقّعت الولايات المتحدة اتفاقًا نهائيًّا مع طهران؟ المؤكد أن هذا الاتفاق سيكون له تأثير كبير على المعادلة السياسية في لبنان والعراق واليمن، وهو ما يتطلب رؤية عربية لمعادلة التفاهم مع إيران، تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية، وإيقاف دعمها الفج لبعض الميليشيات التي تحولت إلى قوى طائفية تحارب الدولة حتى في البلدان ذات الأغلبية الشيعية مثل العراق.
أما لبنان فيعيش توازنًا طائفيًّا وسياسيًّا بين أطراف الشيعة والموارنة والسُّنة والدروز بجانب عشرات الطوائف الأخرى.
صحيح أنه لا يمكن تحميل فقط ذراع إيران القوية، ممثلة في حزب الله، مسؤولية الانهيار السياسي والاقتصادي الذي يعرفه لبنان، وتجاهل دور باقى أمراء الحرب والطوائف، إلا أن ذلك لا يعطيه حق ممارسة «فائض القوة» على باقي المكونات اللبنانية، وتوظيف قوته العسكرية من أجل الهيمنة على القرار السياسي والعسكري داخل البلاد. وفي الوقت نفسه، فإنه لا يمكن إقصاء حزب الله كما يتصور أو يتخيل البعض، فهو من ناحية مكون أصيل من مكونات الحالة اللبنانية، كما أنه سيؤدي من ناحية أخرى إلى تهديد السلم الأهلي في البلاد.
التفاهم مع إيران قد يفتح الباب إلى تحويل التنظيمات الشيعية المرتبطة بإيران إلى «أحزاب طبيعية» لا تحتكر التمثيل الشيعي، كما يحاول أن يفعل الثنائي الشيعي في لبنان (أمل وحزب الله)، إنما يمكن أن تنال تأييدًا أو معارضة من كل الطوائف، بما فيها حاضنتها الشيعية.
التفاهم مع إيران وصل إلى محطته الأخيرة، وإذا لم تحدث مفاجآت إسرائيلية، فإن الاتفاق بين واشنطن وطهران بات قريبًا، ويجب أن يمتلك العرب تفاهمًا آخر معها لصالح شعوبهم وشعوب المنطقة.