الرئيسية / مقالات رأي / خطاب الكراهية والتطرف.. والحاجة إلى مشروع تجديدي

خطاب الكراهية والتطرف.. والحاجة إلى مشروع تجديدي

بقلم: مركز «تريندز للبحوث والاستشارات» – صحيفة “الاتحاد”

الشرق اليوم –  ‎باتت خطابات الكراهية والتطرف والعنف ضد الآخر تشكل إحدى أهم الآفات الخطيرة التي تهدّد الأوطان والبشرية جمعاء، وبات معها تحصين الشباب ضد هذا الخطاب، ونبذ العنف على المستويين الإقليمي والعالمي أكثر الإشكالات المعاصرة إلحاحاً، ما يملي ضرورة مواجهة ذلك وفق استراتيجية شاملة ومتكاملة، تستعين بالخبراء المؤهلين والمختصين لمواجهة هذا الخطاب بعد تفكيكه وتفنيده وإظهار جوانب خلله ومخاطره، وتستفيد من تجارب الدول التي تعمل على مكافحة التطرف والإرهاب، وجربت مناهج مختلفة لمواجهة هذه الظاهرة، وتستهدف تقديم خطاب بديل مقنع للشباب خاصة، يحض على التسامح والتعايش وقبول الآخر، إلى جانب إعادة الثقة في المؤسسات الرسمية الدينية، والمراجعة الشاملة والدقيقة لخطط المؤسسات الفكرية الداعمة.

إن خطاب الكراهية والتطرف والإرهاب تغذيه وتنميه، على مدار ثمانين عاماً مضت – ولاتزال – تيارات تتجاوز الأربعين تياراً، على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وما تفرَّع عنها من تيارات وجماعات إرهابية ومتطرفة كثيرة انتشرت في شتى بقاع العالم، وتبنَّت أفكاراً ظلامية وتكفيرية لا تستند إلى العلوم الدينية الأصيلة، بل تدور حول عشرات المفاهيم المغلوطة الهادفة إلى بثّ خطاب حماسي مشوَّش في عقول الشباب وتجنيدهم لحمل السلاح ضد الآخر. ويشكل التكفير البذرة والأساس والمنطلق الذي تولدت منه كل تيارات الإرهاب وجماعات التطرف، والتي استثمرت خطابها المتطرف وعملت على توظيفه في مختلف المجالات الإعلامية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولم يعُد مقصوراً على الخطاب الديني، خصوصاً في ظل هذا العصر الرقمي الذي أصبح فيه الخطاب المتطرف مجهول الهوية والمصدر.

وأخطر ما في خطاب هذه التيارات هو اتخاذهم فكراً مضاداً للأوطان استناداً إلى فكرة «الولاء والبراء» التي تجعلهم يرون الأشخاص الوطنيين المحبين لبلدانهم كفاراً ومخالفين لهم في عقيدتهم. ‎لقد بات العالم الإسلامي اليوم يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مشروع فكري تجديدي معمَّق وأصيل، قادر على أن يهضم تحديات العصر وأسئلته، وأن يتشارك ويتعاون مع ثقافات العالم في مشروع علمي ومعرفي حقيقي قادر على مواجهة خطاب العنف والكراهية بأساليب وطرق عصرية، وينبغي أن ينهض به علماء الشريعة وأهل الاختصاص في شتى بقاع الأرض، لكي تكون مكافحة الخطاب المتطرف مرتكزة ومبنية على أسانيد وأسس علمية دقيقة. كما ينبغي أن يستند هذا المشروع العلمي التجديدي إلى أركان أساسية أهمها: احترام الأكوان، وإكرام الإنسان، ونشر العمران، وحفظ الأوطان، وزيادة الإيمان.

‎إن هذه المعلومات التي تشخّص واقع التطرف وتفكّك مكوناته وتطرح الحلول الأنجع لاجتثاثه، كانت محاور الندوة التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات الأسبوع الماضي في بداية أنشطته العلمية للعام الجديد، والتي ضمت نخبة من علماء الدين والخبراء والمختصين، حيث لايزال التطرف ينمو وينشط وينتشر في بعض البقاع، الأمر الذي يُبرز أهمية مكافحته بتفكيك مفاهيم وأيديولوجيات التيارات والجماعات المتطرفة، وبطرح التوصيات والحلول الناجعة لمواجهتها، استناداً إلى أسس علمية رصينة وحلول ناجعة، وهو ما يعظّم من المسؤوليات المُلقاة على أهل العلم والاختصاص في ذلك، وكذلك على مراكز الأبحاث والمؤسسات الفكرية كافة لتجويد ومراجعة خططها، من أجل تعزيز قيم الاعتدال ورفع قيمة الأوطان والإنسان ونشر ثقافة التعايش والتسامح والسلام.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …