الرئيسية / مقالات رأي / احتجاجات تونس

احتجاجات تونس

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم

الشرق اليوم – احتجاجات أمس الأول التي شهدتها العاصمة التونسية وبعض المدن الأخرى كانت محدودة، لكنها ذات دلالة لأنها تقول إن هناك أقلية مؤثرة من الشعب التونسي ترفض قرارات الرئيس قيس سعيد، وإنها مرشحة للزيادة في حال تعثره في تحويل هذه القرارات الاستثنائية إلى مشروع إصلاحي ينقل النظام السياسي خطوات إلى الأمام.

إن أي تجربة تغيير في العالم سواء كانت إصلاحية أو ثورية تطلب خطوتين رئيسيتين: الأولى رفض المنظومة القديمة، والثانية بناء المنظومة الجديدة، أو فتح الطريق لبنائها، وبدون إنجاز هاتين المهمتين، أي تفكيك القديم وبناء الجديد، لا يمكن الحديث عن أي إصلاح.

لقد كرر الرئيس سعيد، طوال العام الماضي، مساوئ أداء البرلمان، (وهو مُحِقّ)، وأكد محاولات حركة النهضة الهيمنة على الدولة والنظام السياسي (وهو مُحِقّ أيضًا)، إلا أنه بات مُطالَبًا بأن يقدم جديدًا يحقق وضعًا اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا أفضل مقارنة بما كان عليه الحال في ظل المنظومة القديمة، وإلا فمع الوقت ستراجع الغالبية التي أيدت قراراته موقفها.

وشهدت تونس، طوال الأشهر الماضية، احتجاجات كثيرة عكست عمق الخلاف بين النخب التونسية حول قرارات الرئيس، إلا أنها ظلت تتّسم بسلمية الأداء، وتعدُّد الفاعلين السياسيين والنقابيين، فيكفي أن هناك منظمة مدنية عملاقة مثل الاتحاد التونسي للشغل تؤيد الرئيس وتدعم إجراءاته دون أن تعطيه «صكًّا على بياض»، كما أكد أمينها العام، الذي قال إنه يقدم دعمًا مشروطًا للرئيس بشرط الحفاظ على مسار الانتقال الديمقراطي وحقوق المواطنين الاجتماعية، كما لايزال هناك حوار ساخن بين أطياف النخب السياسية التونسية المؤيدة والمعارضة في مشهد لايزال مقبولًا رغم عمق الخلاف.

إن المشهد التونسي الحالي لايزال أقرب إلى بناء دولة قانون ديمقراطية، وبعيدًا تمامًا عن النظم الاستبدادية رغم حملات حركة النهضة وحلفائها من الإخوان فى مواجهة قرارات الرئيس وتوجهاته.

والمؤكد أن الكرة حاليًا أصبحت في ملعب الرئيس سعيد، المُطالَب بإجراء حوار حقيقي مع المنظمات الوسيطة والنقابات والمجتمع المدني والأحزاب حول الإصلاحات المطلوبة، وأن يترك تمامًا هذه الأفكار الشعبوية عن «الحوار المباشر» مع الشعب والشباب، في بلد ثقافته السياسية المدنية قوية ومجتمعه المدني والنقابي حاضر ومؤثر.

يحتاج الرئيس أن يناقش مع هذه المؤسسات الوسيطة التعديلات الدستورية المطلوبة للانتقال نحو نظام رئاسي ديمقراطي تمهيدًا لعرضها على الشعب في استفتاء عام، والتمسك بالديمقراطية التمثيلية مهما كانت عيوبها لأن عبرها انتخب الشعب الرئيس سعيد.

طاقة تونس المدنية والديمقراطية والنقابية ودور المرأة قادران على أن يقضيا على المخاوف المشروعة من تحوُّل النظم الرئاسية إلى استبدادية، وذلك بجعل بقاء الرئيس في سدّة الرئاسة مدتين غير قابلتين للتمديد، ويتحقق من هذه الإصلاحات هدفان: بناء دولة قانون وانتقال ديمقراطي وإضعاف القوى المعادية للديمقراطية مهما كان توجهها.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …