بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – باتت أوروبا، وحلفها العسكري، يتجهان أكثر فأكثر باتجاه التشدد إزاء روسيا في إطار المواجهة القائمة حالياً حول أوكرانيا، وأيضاً حول التحركات الروسية في أنحاء أخرى من العالم، بينما تركز موسكو في المقابل على لعبة الترغيب والترهيب في محاولة لتحييد أوروبا وفصلها عن خطوط المواجهة المحتدمة مع الولايات المتحدة.
وخلال الأسبوع الماضي، أظهرت تصريحات المسؤولين في موسكو اتجاهين متضادين في ما يتصل بسلسلة المحادثات المنفصلة التي أجراها الوفد الروسي مع الولايات المتحدة من جهة، ومع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو من جهة أخرى.
وبينما تتحدث روسيا عن زهدها في أية محادثات جديدة مع الدول الغربية غير المستعدة لتلبية طلباته الأساسية بخصوص ضمانات أمنها القومي، فإنها من الجانب الآخر تمتدح أهمية الحوار من أجل تسوية القضايا العالقة ومنع انزلاق الأمور باتجاه الحرب.
ويقول وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن المفاوضات الأخيرة في جنيف وبروكسل، أظهرت خطورة التنافس على الصعيد الدولي، لكنه يضيف أن الدول الغربية، ويقصد بذلك الولايات المتحدة تحديداً، تبنت مواقف قاسية ومتصلبة، ولم تبدِ استعداداً لتقديم أية تنازلات، في حين طرح الشركاء الغربيون مواقفهم بطريقة مهنية، لافتاً إلى أن ذلك يبعث على الأمل في تحقيق نتائج للمحادثات في المستقبل.
ولكن قبل أن يجفّ حبر هذه التصريحات حذّر نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر جروشكو، من أن بلاده قد تلجأ إلى الحلول العسكرية لتحييد التهديدات التي تواجه أمنها، إذا لم تكن الوسائل السياسية كافية لتحقيق ذلك. وفي إطار المواجهة الدبلوماسية المحتدمة أعلن مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، رفض سياسة الابتزاز والضغط. وشدد على أن تحركات القوات الروسية عند الحدود مع أوكرانيا تُعتبر «جزءاً من الضغوط» التي تمارسها موسكو للحصول على مطالبها.
وأعلنت بروكسل تمديد العقوبات الأوروبية المفروضة على روسيا لفشلها في الوفاء بالتزاماتها باتفاق السلام في أوكرانيا، فيما أخذت الولايات المتحدة المواجهة إلى مستوى أعلى، عندما قدّم أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ اقتراح قانون ينصّ على فرض عقوبات على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ورئيس وزرائه ميخائيل ميشوستين، ومسؤولين عسكريين كبار، والعديد من كيانات القطاع المصرفي الروسي في حال قيامه بغزو الأراضي الأوكرانية. وأثارت الخطوة غضباً في موسكو التي اعتبرته إجراء يتجاوز الحدود، ويسمم أجواء المفاوضات بين الجانبين.
والتلويح بفرض عقوبات على رئيس الدولة الروسية خطوة لم تكن في الحسبان، لكن روسيا التي رفضت الخطوة حافظت على سياسة الغموض في ما يتعلق بنواياها إزاء أوكرانيا. وأعلنت على لسان وزير خارجيتها أن بحثها عن الضمانات الأمنية يرتكز بشكل أساسي على اتفاق مع الولايات المتحدة، وليس مع حلف الناتو الذي تتهمه بضعف القدرة على التوصل إلى اتفاقات. وبعد أن أوضحت واشنطن رؤيتها حول مسارات المواجهة، قال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، إن بلاده تنتظر وضوح الطريق الذي سيسلكه بوتين. وما إذا كان يفضل الدبلوماسية والحوار، أم سيواصل مسار المواجهة.