الرئيسية / دراسات وتقارير / Le Monde: الحرب الهجينة.. حرب تسبق الحروب التقليدية!

Le Monde: الحرب الهجينة.. حرب تسبق الحروب التقليدية!

بقلم: مارك سيمو

الشرق اليوم- يقول مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية توماس غومار -في كتابه “حروب لا ترى”- إن “مفهوم الحرب المختلطة يساعد في فهم الصراعات الحالية التي تجمع بين التخويف الإستراتيجي بأسلحة الدمار الشامل، والعمليات المشتركة التي تنفذها وحدات خاصة ومرتزقة، ومناورات تضليل واسعة النطاق”.

وتعد صحيفة  (Le Monde) حالة أوكرانيا مثالا واقعيا لهذا النوع من الحروب، حيث بدأ الروس والأمريكيون في جنيف يناقشون مصير هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، التي تريد موسكو إعادتها إلى حظيرتها، ومنعها من عضوية حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) والاتحاد الأوروبي، على عكس رغبة الأغلبية العظمى من الأوكرانيين.

مزيج بين العسكري وغير العسكري

وأوضح تقرير للصحيفة أن الإستراتيجيات الهجينة في هذا النوع من الحروب، تمزج بين أنماط العمل العسكرية وغير العسكرية، والمباشرة وغير المباشرة، التي يصعب تحديد الطرف الذي يقوم بها في كثير من الأحيان، والتي تكون دائما مصممة لتبقى دون الحد المثير للهجوم المضاد أو الصراع المفتوح.

ولذلك فإن روسيا، بعد أن أطيح بالنظام الموالي لها في كييف تحت ضغط الشارع، ضمت شبه جزيرة القرم ربيع عام 2014، بعملية نفذتها قوات خاصة بدون شارات، أطلق عليها “الرجال الخضر الصغار”، ثم تلاعب تمرد موال لروسيا -بدعم من جنود روس بدون زي رسمي- بشرقي أوكرانيا.

ولأن الحرب الهجينة ليست بالضرورة مسلحة، وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إرسال آلاف المهاجرين الذين نقلهم النظام البيلاروسي من الشرق الأوسط إلى الحدود البولندية والليتوانية خريف عام 2021 بأنه “هجوم هجين” للضغط على الاتحاد الأوروبي.

ويضاف إلى ذلك -حسب الكاتب- نشر المعلومات المضللة وشن الهجمات الإلكترونية والافتراس الاقتصادي، حيث لم يعد من الممكن التمييز بين التقنيات المدنية والتقنيات العسكرية، ولا بين الجنود المحترفين والمقاتلين العرضيين، حيث تتعاون جميع أجهزة الدولة.

وظهر هذا المصطلح -كما يوضح الكاتب- قبل 20 عاما في الدراسات الإستراتيجية، وقد استخدم لأول مرة رسميا في فرنسا في “الكتاب الأبيض” لعام 2013 حول الدفاع والأمن القومي، وقد نجح في حل مشكلة عدم ملاءمة أدوات الدفاع الغربية لأشكال الحرب التي توصف أحيانا بأنها “غير منتظمة” أو “غير متكافئة” أو “منخفضة الكثافة” أو “من الجيل الرابع”، كما يقول إيلي تينينباوم، الباحث في المعهد الفرنسي العلاقات الدولية في كتابه “حرب الثلاثين عاما”.

حصان طروادة

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المصطلح انتشر عام 2005 على لسان الجنرال جيمس ماتيس في أثناء الفوضى العراقية، وكان قد عين عام 2007 لرئاسة قيادة الناتو المكلفة بتوقع التحديات العسكرية للحلف.

وقد تبنى الفكرة التي تشير إلى حرب خارج الأطر المعتادة، وإلى الجمع بين العمليات المنتظمة وغير النظامية، خاصة أن التلاعب والدعاية والأكاذيب كانت دائما جزءا من فن الحرب، حيث كان حصان طروادة الذي صممه أوليسيس تحفة من روائع الحرب الهجينة، كما كتب الجنرال الصيني سون تزو في القرن السادس قبل الميلاد أن فن الحرب يقوم على “إخضاع العدو من دون قتال”.

وكانت “روسيا فلاديمير بوتين” الساعية لاستعادة مكانتها في الساحة الدولية والصين في عهد شي جين بينغ -حسب الكاتب- أول من وضع النظريات واستخدم هذه الممارسات، بحيث لا يعود الجيش يحتكر الحرب، لتنتشر هذه الأساليب بعد ذلك.

وقد ألهم ضم شبه جزيرة القرم العديد من الدول القيام بأساليب العمل الهجينة التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي تقوم على الترهيب والتلاعب.

فيقول رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية الجنرال تييري بوركار “تعلمنا أن خلق حالة من عدم اليقين والمفاجأة لدى الخصم من خلال أساليب العمل الماكرة والمبتكرة أصبح من ضروريات مهمتنا”.

ويريد هذا الجنرال أن يعد قواته ومجتمعه “لكسب الحرب قبل الحرب”، تلك الحرب التي تدور في الميدان ولكن أيضا في دروب الدبلوماسية أو الإعلام أو الفضاء أو الاقتصاد أو القانون، لأن الهدف هو السيطرة على العقول قبل السيطرة على الأجساد.

ترجمة: الجزيرة

شاهد أيضاً

هل انتهى محور الممانعة؟

الشرق اليوم– هل انتهى محور المقاومة والممانعة الإيراني؟ سؤال يصح طرحه بعد مرور أكثر من عام على …