بقلم: يعقوب يوسف جبر – وكالة الأنباء العراقية “واع”
الشرق اليوم – ثبت بالتجربة فشل الحكومات الائتلافية في العراق، لأن نظام الحكومات الائتلافية يقوم على توزيع المناصب والمراكز حسب نسبة مقاعد الكتل والتحالفات، مما يجعل كل تحالف بمنأى من مساءلة ومراقبة بقية التحالفات، فهنا يسقط المبدأ الدستوري (الشعب مصدر السلطات) لذلك لا بد من تجربة حكومة الأغلبية تقابلها حكومة ظل أو تقابلها معارضة برلمانية تتركز مهمتها على مراقبة عمل الحكومة واستجواب وزرائها لتقويم عملهم ومحاسبة المقصرين منهم، لكن بدون وجود هذه المعارضة الفاعلة لن يكون بالإمكان ممارسة هذا الدور الفاعل البناء.
من الصعب نجاح حكومة الائتلاف سياسيا وإداريا كونها ترتكز على مقايضة المناصب والمراكز، والتخلي عن المسؤولية أمام الشعب، فعندما يفشل وزير في أداء وظيفته أو يمارس الفساد فلن يكون بالإمكان محاسبته أو المطالبة بإقالته وإعفائه من منصبه لأنه حصل على المنصب بموجب نظام المحاصصة، حينئذ لا يمكن للتحالفات الأخرى تحميله المسؤولية لأنه سيحتمي بالتحالف الذي ينتمي إليه فلا يسمح باستجوابه ومحاسبته.
إن اللجوء إلى تشكيل الحكومة الائتلافية له عدة أسباب أبرزها عدم حصول أحد الأحزاب على أغلبية المقاعد أو صعوبة قيام تحالف بين عدة أحزاب، لكن من الممكن في العراق وبعد قيام تجربة الانتخابات الأخيرة تشكيل تحالف سياسي يمثل أغلبية سياسية، يقابلها تحالف معارض يراقب عن كثب أداء هذه الحكومة ويسجل أخطائها ويعمل على تصويبها.
وعندما يتحقق ذلك فإن المسؤولية السياسية والإدارية تتوزع بين الطرفين، فمسؤولية الحكومة تتجسد في وضع السياسة العامة لإدارة شؤون الدولة ومن ثم المباشرة في تفعيل المشاريع الإعمارية والاستثمارية الكبرى، بالوقت نفسه تضطلع المعارضة السياسية بمسؤولية متابعة هذه السياسة والآثار الناتجة عنها.
أما إذا كانت المعارضة صامتة ولا تؤدي دورها السياسي الدستوري فلا أهمية لها مما يشجع الحكومة على ارتكاب الأخطاء دون أن تجابهها المعارضة بالنقد البناء بغرض التقويم والتسديد.
إن قيام حكومة الائتلاف يعني مصادرة حق الشعب في مراقبة هذه الحكومة لأن جميع الأطراف المشتركة في هذه الحكومة ستسهم في إرساء أسس الفساد المالي والإداري.
كيف يمكن انتقاد هذه الحكومة؟ من له الحق في مسألة وزرائها أو رئيس وزرائها؟
خلال فترة قيام حكومة السيد مصطفى الكاظمي الائتلافية لم نلمس معارضة حقيقية من البرلمان تراقب عمل هذه الحكومة لذلك لم يشهد البلد تقدما كبيرا وملحوظا في مجال مشاريع الاعمار والبناء وفي جميع المجالات.
إذن نستنتج من بحثنا هذا أن أية حكومة ائتلافية لن تنجح في أداء وظائفها.
بينما نجد أن حكومة الأغلبية السياسية هي التي ستنجح في النهوض بالبلد وسترسي أسس نجاح الدولة لأنها ستعمل تحت أنظار مراقبة التحالف المعارض.
وتكفي كبرهان على الفشل تجربة حكومات الائتلاف التي تشكلت في العراق خلال العقدين الماضيين. لذلك تبقى تجربة حكومة الأغلبية هي المعول عليها في الفترة القادمة لإنقاذ البلد من مشكلاته وأزماته.