BY: MARC L. BUSCH
الشرق اليوم – تعتبر “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة” التي وقعتها 15 دولة بمنطقة آسيا والمحيط الهادي أبرزها الصين والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع هذا العام تشكل “مصدر قلق” لواشنطن؛ حيث تؤشر بوضوح على ريادة بكين وستكلف أميركا خسائر في الصادرات بالمنطقة تقدر قيمتها بـ5 مليارات دولار.
لكن هذا القلق هو فقط وجه العملة الأول، إذ إن هذا الاتفاق يحمل أيضا أخبارا سارة لواشنطن ليس في المنطقة، بل في جنيف السويسرية، حيث تسعى الولايات المتحدة لإصلاح ما يسمى “المعاملة الخاصة والتفاضلية” (Special and Differential S&D treatment) في منظمة التجارة العالمية.
بموجب هذا المبدأ تسمح المنظمة لأعضائها بالإعلان عن أنفسهم بوصفهم دولا متطورة أو نامية، وتحصل هذه الأخيرة على معاملة خاصة وتفاضلية.
وعلى سبيل المثال هناك 27 بندا ذي صلة بـ”الفترات الانتقالية” الأطول لتنفيذ الالتزامات و25 بندا بشأن “المساعدة الفنية”، و10 أحكام بشأن الحواجز التقنية أمام التجارة و10 أخرى بشأن الإعانات وبضعة بنود بشأن معايير الصحة والسلامة وأمور أخرى.
وتنص هذه الأحكام على أمور مثل “مراعاة الاحتياجات الخاصة لأعضاء البلدان النامية”، مثلا وهو أمر تسبب في رفع دعاوى في عديد المرات. لكن الشيء المثير للاهتمام بشأن هذه المعاملة الخاصة هو أن الولايات المتحدة لا تحبها بل وتجادل بأنها قد تخفف من التزامات البلدان النامية في المنظمة وتشجع على الغش.
وقررت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فعل شيء حيال ذلك، حيث أصدرت في يوليو/تموز 2019 مذكرة “لإصلاح وضع البلدان النامية في منظمة التجارة العالمية” أشارت فيها إلى “الصين والعديد من البلدان الأخرى” بالقول إنه قد حان الوقت لـ”مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة” للعمل من جانب واحد و”ألا يعامل أي عضو في المنظمة كدولة نامية، أي عضو يعلن نفسه بشكل غير لائق -بنظر المكتب- دولة نامية ويسعى بشكل غير مناسب للاستفادة من المرونة في قواعد المنظمة ومفاوضاتها “، في إشارة واضحة لمبدأ المعاملة الخاصة والتفاضلية.
وقد كانت الردود على المذكرة من باقي الأعضاء قوية ومتوقعة، حيث قالت الهند إن نص المذكرة “يدق ناقوس الخطر لمبدأ وممارسة” المعاملة الخاصة والتفاضلية وإنه سيتسبب بضرر دائم وممنهج للنظام التجاري المتعدد الأطراف. في حين أقرت الصين أنها لن تطلب “شيكا على بياض” بشأن هذا المبدأ لكنها تعهدت بممارسة حقوقها كاملة في قطاعي الزراعة والخدمات المالية بشكل خاص.
كما يطالب ثلثا أعضاء منظمة التجارة العالمية بالحق في المعاملة الخاصة والتفاضلية لكن المشكلة الحقيقية هي أن هذا المبدأ تحول إلى شيء يتجاوز البنود وأصبح مجرد سرد يستند إلى مراجع نصية قليلة، ويقف بالتالي في طريق المفاوضات ويقوض الثقة في التقاضي عندما لا تعمل الأحكام وفق ما هو مخطط.
وعند النظر في نص “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة” نجد أنه شبيه بحقيبة يختلط فيها كل شيء ولا يغطي عددا من المشكلات المدرجة في الصفقات التجارية الأخرى. كما أن بعض الالتزامات الرئيسية الواردة فيه مصاغة بسطحية، في حين أنه عندما أشار لمبدأ المعاملة الخاصة والتفاضلية كان رصينا وواضحا بشكل لافت، وهو ما قد يساعد الولايات المتحدة على إشراك الصين وغيرها في إصلاح هذا المبدأ داخل منظمة التجارة.
ماذا تعرف عن اتفاق التجارة الصيني الجديد؟
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتفقت 15 دولة بقيادة الصين على إنشاء أكبر كتلة تجارية في العالم، تضم ما يقرب من ثلث الأنشطة الاقتصادية بالعالم، في خطوة تعزز قوة بكين اقتصاديا وتجاريا في آسيا.
وشاركت في إبرام الاتفاق الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا أو ما تعرف بـ “آسيان” وتضم إندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، تايلند، بروناي، فيتنام، لاوس، بورما، كمبوديا.
كما ضم التكتل الجديد اقتصادات الصين المصنفة ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة، واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.
ويمثل هذا الاتفاق أكبر اتفاقية للتجارة الحرة في العالم، وستفرض رسوما جمركية منخفضة على التجارة بين الدول الأعضاء، وهي أقل شمولا من اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادي التي تضم 11 دولة والتي انسحب منها الرئيس دونالد ترامب بعد فترة وجيزة من توليه منصبه.
وتركت الاتفاقية الباب مفتوحا أمام الهند التي انسحبت بسبب معارضة محلية شرسة لمتطلبات فتح السوق، للانضمام إلى الكتلة.
وتغطي الاتفاقية سوقا يضم 2.2 مليار نسمة، أو ما يقرب من 30% من سكان العالم، بإجمالي ناتج محلي يبلغ 26.2 تريليون دولارا أميركيا أو حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ترجمة: الجزيرة