بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – انفضت الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي الأمريكي الروسي في جنيف على مواعدة باللقاء مجدداً، لبحث خطوات تعزيز الثقة، واستكمال الحوار الذي بدت انطلاقته «إيجابية»، بحسب المسؤولين في البلدين. لكن من السذاجة الاعتقاد بأن القضايا الشائكة بين موسكو والغرب يمكن فضها بسهولة. أما إعلان التوافق على تجنب الصدام النووي وفرض القيود على سباق الصواريخ والمناورات العسكرية، فأمر متفق عليه منذ عقود وليس جديداً.
المشاكل، التي تفاقمت في السنوات والأسابيع الأخيرة، كانت الدافع لإجراء هذا الحوار الذي سيكون طويلاً وشاقاً، ولن يحقق أهدافه على الفور. ومن قبل الحوار وبعده يتضح أن الشقة تتسع بين الطرفين بخصوص الأمن في أوروبا وآسيا الوسطى، ومسألة توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق، وهي قضايا فشلت في حلها القمة الأخيرة بين الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين، ما دعا إلى التفكير في عقد قمة ثانية، لم تتحدد بعد، وقد تكون متاحة، خلال أسابيع، في ضوء ما تحققه اللقاءات الدبلوماسية بين كبار المسؤولين، لكن بالنظر إلى تواصل توجيه التحذيرات والإنذارات بين الجانبين، لا سيما حول الوضع في أوكرانيا؛ فإن الغرب يتهم روسيا بنشر ما يصل إلى 100 ألف جندي عند الحدود، ويتوعدها بفرض عقوبات غير مسبوقة. ومن الواضح أن هذه التهديدات قد ألفتها موسكو من واشنطن وحلفائها على مر الأزمات الماضية، ويبدو هذه المرة أنها تجهزت جيداً للرد بمجموعة من السيناريوهات والخيارات. ومن المؤكد أن العواصم الغربية بزعامة واشنطن قد التقطت هذه الإشارات بوضوح، ووجدت أن تسريع الحوار يعد حلاً وسطاً يمكن أن يجنب الجميع الوصول إلى ذروة التصعيد، وتهديد الأمن العالمي بصورة غير مسبوقة.
مسؤول في الكرملين أقرّ بأنه لا يوجد سبب جوهري للتفاؤل بشأن مشاورات الضمانات الأمنية مع واشنطن، ما يعني أن الاتصالات الجانبية عقيمة، وتواجه عقبات مؤكدة تحول دون الوصول إلى نتائج طيبة. وفي الوقت ذاته بدأت تسريبات الإعلام الأمريكي تشير إلى إحباط البيت الأبيض، حتى إن الرئيس بايدن لجأ إلى خبراء الأرصاد، لإطلاعه على أوضاع الطقس المحتملة في أوكرانيا خلال الأسابيع المقبلة، على أمل أن يعرقل الشتاء القارس والثلوج الكثيفة أي عمل عسكري روسي مباغت. وعندما تلجأ السياسة في هذا المضمار إلى الرهان على الطبيعة، يعني أن هناك أزمة في القنوات الدبلوماسية، وتعذراً لاستخدام الوسائل الأخرى.
المشاكل بين روسيا والغرب لن تنتهي، وزيادة على الأزمات الراهنة، هناك معارك أخرى ستنفجر، فما تعده موسكو ضمانات لأمنها تراه واشنطن مع حلفائها «غير مقبول»، وإذا أصر «الناتو» على ضم دول جديدة مثل جورجيا وأوكرانيا، فسيكون الأمن العالمي تحت تهديدات لا حد لها. واللقاء المرتقب بين الطرفين ضمن «مجلس روسيا والناتو» في بروكسل لن يخلق أجواء مغايرة، ولن يحدّ من المخاطر. وفي كل الأحوال لن يستجيب الغرب للمطالب الروسية، وسيعمل على إطالة أمد الخلافات دون السماح بخروجها عن السيطرة. أما إذا لم تسمح روسيا بذلك، فإن الأوضاع ستنفتح على الخيارات الاحتياطية؛ وذلك هو الأسوأ الذي يخشاه الجميع.
الوسومجنيف جنيف والحوار العقيم مقالات رأي
شاهد أيضاً
حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي
العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …