الرئيسية / مقالات رأي / Newsweek: أسطورة ٦ يناير السياسية

Newsweek: أسطورة ٦ يناير السياسية

BY: PEDRO L. GONZALEZ 

الشرق اليوم – تناثرت المرايا المكسورة وبقايا الأثاث في أروقة مبنى الكابيتول في اليوم الذي قامت فيه مجموعة قال مكتب التحقيقات الفيدرالي إنها كانت «تطالب علانية بالإطاحة بحكومة الولايات المتحدة من خلال الكفاح المسلح واستخدام العنف»، بضرب قلب ديمقراطيتنا، ولم يكن ذلك في ٦ يناير ٢٠٢١ بل في ٧ نوفمبر ١٩٨٣، وهو اليوم الذي فجرت فيه منظمة «١٩ مايو» الشيوعية قنبلة أحدثت ثقبًا في الجدار خارج قاعة مجلس الشيوخ.

ولكن حادثة ١٩٨٣، وهو اليوم الذي قامت فيه المجموعة بقصف مبنى مجلس الشيوخ بهدف الإطاحة بالحكومة، تم محوها فعليًا من الذاكرة، ففي البداية تم اتهام سوزان روزنبرج، عضوة في «١٩ مايو»، واثنين آخرين بالمشاركة في تفجير الكابيتول عام ١٩٨٣، ولكن تم إسقاط التهم عنهم كجزء من صفقة الإقرار بالذنب، وفي عام ١٩٨٤، ألقى القبض عليها وبحوزتها ٧٥٠ رطلا من المتفجرات والأسلحة النارية، بما في ذلك أسلحة آلية، وأدانتها هيئة محلفين في العام التالي، ولكن بعد ١٦ عامًا من عقوبة السجن البالغة ٥٨ عامًا، خفف الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون العقوبة عنها في آخر يوم له في منصبه، وبحلول عام ٢٠٢٠، باتت روزنبرج، وهي إرهابية مُدانة سابقًا، عضوًا في مجلس إدارة شركة Thousand Currents، التي تتعامل مع التبرعات المقدمة إلى حركة «حياة السود مهمة».

وقد كان محو تفجير ١٩٨٣ أكثر إثارة للمشاعر وسط إحياء الذكرى الهستيري الذي استمر أسبوعًا لأحداث ٦ يناير التي اقتحم فيها أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مبنى الكابيتول، إذ وصف الرئيس جو بايدن صباح اليوم هؤلاء الذين اقتحموا مبنى الكابيتول بأنهم وضعوا خنجرا في حلق أمريكا وديمقراطيها، بينما شبهت نائبة الرئيس كامالا هاريس أعمال الشغب بأحداث ١١ سبتمبر و«بيرل هاربور»، كما لم يكن الاهتمام بالذكرى من جانب الديمقراطيين فقط، حيث قال السيناتور الجمهوري تيد كروز: «نقترب من ذكرى رسمية هذا الأسبوع، وهي ذكرى الهجوم الإرهابي العنيف على مبنى الكابيتول».

وقد يعتقد الناس أن أنصار ترامب قد نسفوا مبنى الكابيتول يوم ٦ يناير ٢٠٢١، ولكن ما حدث في ذلك اليوم كان يتضمن عدة أشياء، إذ كانت هناك أعمال شغب بالتأكيد، وكانت عنيفة، كما تم اعتقال أكثر من ٧٠٠ شخص، وتم اتهام ٢٢٥ شخصًا بالاعتداء على رجال الشرطة، و٢٧٥ آخرين بـ«عرقلة الكونجرس عن التصديق على فرز أصوات الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠»، و٣٠٠ متهم بالتعدى على ممتلكات الغير أو السلوك غير المنضبط.

لكنه لم يكن هجومًا إرهابيًا، وعلى الرغم من أن كلمة «تمرد» هي الأكثر استخدامًا من قبل الديمقراطيين لوصف ذلك اليوم، إلا أنه لم يتم اتهام شخص واحد بهذه الجريمة.

والحقيقة هي أن السادس من يناير ٢٠٢١ هو أسطورة سياسية قبل كل شيء، فقد تحول اليوم من مجرد حدث تاريخي إلى أيديولوجية مُصممة لحماية واستقرار نظام تتدهور المؤسسات الداعمة له.

والإشارات الدالة على ذلك موجودة في كل مكان، إذ أظهر استطلاع حديث للرأي أجرته مؤسسة «Rasmussen Reports» أن ٤٧٪ من الأمريكيين ينظرون الآن إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل غير جيد، بما في ذلك ٢٦٪ ممن لديهم انطباع غير جيد للغاية، كما يثق عدد أقل من الناخبين فى الوكالة، ويعتقد الكثيرون أنها تعمل بمثابة «الجستابو الشخصي» (جهاز الشرطة السرية الألمانية، والذي كان يعد أحد أجهزة هتلر السرية) للرئيس بايدن، ويشعر ٤٦٪ فقط بالرضا تجاه مكتب التحقيقات الفيدرالي، بانخفاض عن ٦٠٪ في مايو الماضي.

وفي الوقت الذي تنخفض فيه معدلات تأييد الوكالة الأمريكية، تستمر الأسئلة حول تورط السلطات الفيدرالية في أحداث ٦ يناير في الظهور، ففي الأسبوع الماضي، أشارت صحيفة «ذا واشنطن إكزامينر» إلى أن السلطات الفيدرالية ترفض تفسير سبب اختفاء ثلاثة رجال، شاركوا في أحداث ٦ يناير، من قائمة الـ«إف بي آي» لأكثر الشخصيات المطلوبة في أحداث الكابيتول العنيفة.

وذكرت «ذا واشنطن إكزامينر» أن الـ٣ رجال هم «رجل مجهول الهوية كان يرتدي سماعة أذن أثناء أعمال الشغب وتم تصويره وهو يحمل ما يبدو أنه مسدس مخفي على فخذه الأيسر»، كما تم تصوير رجل آخر مجهول وهو يضرب ضباط الشرطة بهراوة أثناء أعمال الشغب، لكنه أيضًا اختفى لسبب غير مفهوم من القائمة، كما اختفى راي إيبس الذي يبدو أنه قام بتنظيم وقيادة أول اختراق للحاجز الأمني في مبنى الكابيتول.

وعلى الرغم من أن هذه المعلومات تثير أسئلة مهمة، إلا أن الخطاب السائد في أعقاب ٦ يناير هو أنه يجب على الأمريكيين عدم إثارة مثل هذه الأسئلة، ولكن اتضح أن الأمريكيين يحبون حرياتهم، بما في ذلك حرية طرح الأسئلة، ولذا فإن مطالبتهم بالصمت تعزز ببساطة شكوكهم في أن هناك شيئًا ما غير صحيح يحدث.

وتُظهر الاستطلاعات أن الأمريكيين من الوسط يعتقدون أن النظام مزور، أو أنهم في وضع غير عادل، وقد أصبحت أسطورة ٦ يناير مجرد طريقة لإسكات المعارضة المشروعة، ولإلهائنا عما يحدث.

وقد تنجح أسطورة ٦ يناير في تسريع انحدار النظام الحالي بسبب نفاقه الواضح، حيث تم إسقاط التهم الموجهة إلى مئات إن لم يكن الآلاف من مثيرى الشغب واللصوص في جميع أنحاء البلاد، بينما يتم احتجاز بعض الأمريكيين الذي تم القبض عليهم في أعقاب أعمال الشغب في الكابيتول كسجناء سياسيين، ووفقًا لرونالد ساندلين، وهو أحد المتهمين في أحداث ٦ يناير، فإن أحد السجناء قد «تعرض للضرب المبرح من قبل الضباط مما جعله يفقد بصره في إحدى عينيه، ولديه كسر في الجمجمة وانفصال في الشبكية».

ولذا فإن أسطورة ٦ يناير تبرز التفاوت في طريقة علاج مشاكل البلاد، وهو ما يؤدي لتآكل المصداقية، وإذا كان الأمريكيون يفقدون الثقة في الديمقراطية وحماتها الفيدراليين، فذلك لأنه بدلا من أن يحكموا البلاد بشكل جيد، فقد أعلن المسؤولون عن النظام السياسي القائم الحرب على نصف سكان البلاد وتجاهلوا مخاوفهم باعتبارها غير شرعية، وبدلًا من محاولة تصحيح الأوضاع، فقد تم اختلاق أسطورة تتعلق بـ«يوم العار» الذي تم تضخيمه من خلال تحريف وتشويه الحقائق، وجعل هذه الأسطورة بمثابة بندقية موجهة نحو رؤوس ملايين الأمريكيين.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …