الشرق اليوم- يعود الإصرار الدولي مجدداً لإجراء الانتخابات الليبية، ممثلاً بتحرك غربي جديد داعم للجهود المكثفة لمستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، التي تتمسك بضرورة إجراء الانتخابات لتحقيق تطلعات 2.8 مليون مواطن ليبي سجلوا للتصويت في 24 من شهر ديسمبر الماضي، موعد الانتخابات الذي اضطرت المفوضية الليبية العليا للانتخابات إلى تأجيله، لوجود عقبات لن تزول إلا بالتقاء القوى الليبية على إزالتها وإجراء الانتخابات في أقرب وقت، باعتبارها الحل الوحيد لإعادة البلاد إلى سكّة الاستقرار وتعزيز النظام داخلها.
فليست هناك عصاً سحرية يمكنها أن تحقق إجراء الانتخابات وتحل مشاكل الليبيين. صحيح أن هناك من يرى أن العصا السحرية بيد ستيفاني وليامز، التي تولت ملف ليبيا بعد استقالة مبعوث المنظمة، «يان كوبيتش»، غير أن الأصح أن «وليامز» لن تنجح في مساعيها دون دعم جهودها دولياً وإقليمياً ومحلياً، فدولياً عاد التحرك الغربي لمنع تكرار«خيبة ديسمبر»، التي يرى كثير من الليبيين أن ضعف الحزم الدولي كان وراءها، إذ شهدت الأيام الأخيرة أول تحرك من جانب الدول الأوروبية تجاه تداعيات تأجيل الانتخابات، حيث أجرت إيطاليا محادثات مع فرنسا والولايات المتحدة لبحث السيناريوهات المطروحة.
وحسب الجانب الإيطالي الذي قاد التحرك الجديد، فإن الموعد الأخير الذي أعلنته المفوضية الليبية العليا للانتخابات، في 24 من الشهر الجاري، يبدو غير عملي، بعد حديث رئيس المفوضية، عماد السايح، أمام مجلس النواب في طبرق، الاثنين الماضي، بشأن العقبات القانونية والسياسية والأمنية التي أجبرت المفوضية على تأجيل الانتخابات، والتي ستبقى قائمة ما لم يلتقِ الليبيون على حلها، لا سيما التهديدات التي تلقتها المفوضية من المليشيات في غرب ليبيا، إلى جانب قدرة وزارة الداخلية على تأمين العملية الانتخابية في هذه الظروف. إن إجراء محادثات مشتركة بين الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، إلى جانب التحركات العربية والإقليمية الموصولة، حول الانتخابات الليبية خيار صحيح، لأن هذه الدول من الدول المؤثرة في ملف ليبيا، فهل يستفيد الليبيون من هذه التحركات الدولية والإقليمية، ولو أتت الدولية منها متأخرة بعض الشيء؟
وهل تدعم مختلف القوى والأطراف الليبية الجهود الجارية لتنظيم الانتخابات دون مزيد من التأخير؟ سيَّما وأن الجميع يدركون أن الإبقاء على العقبات وتأخير إجراء الانتخابات سيقود إلى معضلة سياسية، وقد تمتد لتكون عسكرية أيضاً تعمل على انهيار وقف إطلاق النار. ثمة ضرورة ملحة لاتخاذ خطوات جادة من الليبيين أنفسهم، تضمن عودة العملية السياسية لطريقها الصحيح.
فالليبيون، بسلطاتهم الحاكمة وقواهم الوطنية وأطيافهم السياسية ومرشحيهم، والفاعلين السياسيين في ملتقى الحوار السياسي الليبي، الذي ساهم في وضع خريطة الطريق الخاصة بالانتخابات، مطالبون اليوم بالعمل سوياً على إنجاح إجراء الانتخابات في تاريخها الجديد، وإن تعذَّر، ففي الموعد الأقرب، وهذا يتطلَّب تغليب مصلحة الشعب الليبي فوق كل الاعتبارات، بتكاثف الجهود لإزالة كافة المعوّقات التي حالت دون إجراء هذا الاستحقاق الانتخابي في شهر ديسمبر الماضي، والاستفادة من تجدُّد الدعم القوي والآمال الكبرى لدى المجتمع الدولي على تلك الانتخابات.