By: Daniel Hannan
الشرق اليوم – إن ما قدمته تجربة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وردّ فعل اليسار واليمين على حد سواء في الذكرى السنوية الأولى لأحداث الشغب بمبنى الكابيتول يُعدّ تحذيرا قاتما بشأن المستقبل السياسي للغرب.
الجمهوريين الذين استخفوا بأنفسهم أمام رئيس عصابتهم العام الماضي لا يزالون متمسكين بموقفهم الموالي له، رغم أنهم يعرفون بالضبط من يجب إلقاء اللوم عليه في إثارة ذلك الشغب وتهديد مؤسسات الحكم بالبلاد.
اعتذار السيناتور كروز
إن الاعتذار المتكرر من السيناتور تيد كروز الخميس الماضي في قناة “فوكس نيوز” (FOX NEWS) عن إشارته إلى مثيري الشغب الذين جرحوا 138 ضابط شرطة، بأنهم “إرهابيون”، وإلى وصفه إياهم بأنهم وطنيون، قائلا إن كلمة “إرهابي” تنطبق على مثيري الشغب من حركة “حياة السود مهمة”، وليس “على المواطنين الشرفاء الذين اقتحموا مقر الحكومة”.
للأسف إن تخلي الجمهوريين عن العقيدة الأعمق والأكثر جوهرية لحزبهم، وهي أن مناصب الجمهورية أكبر من السياسيين الذين يشغلونها.
ولا يستثنا الديمقراطيين من تهديد النظام السياسي الأميركي، حيث أن القبلية تجذرت في البلاد، وغالبا ما يُلاحظ أن مؤيدي الحزبين الأميركيين يعيشون بشكل متزايد في مقاطعات مختلفة، ويشاهدون محطات تلفزيونية مختلفة ويؤمنون بحقائق مختلفة، وأن عدد الصداقات بينهم في أدنى مستوياتها، إذ يعترف 50% من الجمهوريين و48% من الديمقراطيين بكراهية بعضهم بعضا.
تشبيه قاتم
إن المناخ السائد بين النخبة السياسية في الولايات المتحدة حاليا يشبه المناخ السياسي في روسيا قبيل ثورة البلاشفة بقياد فلاديمير لينين عام 1917، وبالمناخ السياسي في سوريا عام 2011.
إن الديناميكية نفسها تعمل على جانبي الانقسام الأميركي: كثير من اليساريين الليبراليين غير مرتاحين لثقافة الإلغاء، لكنهم يلتزمون الصمت لأنهم لا يستطيعون الوقوف مع الجمهوريين الذين ينتقدونها بشدة، كما أن كثيرا من المحافظين يعلمون تماما أن من غير الوطني تحدي الانتخابات بالقوة، لكنهم غاضبون من الطريقة التي يواصل بها الديمقراطيون الضغط على الجرح.
كذلك تصريح كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي يوم الأربعاء الماضي بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لأعمال العنف، يمكن وصفه بغير العادي، إذ ساوت فيه بين أعمال الشغب في واشنطن والهجوم الياباني على بيرل هاربر والهجوم على البرجين التوأمين في 11 سبتمبر/أيلول 2001.
استطلاع محبط
كما أظهر استطلاع “محبط على نحو لا يصدق” في صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal)، أن ثلثي الجمهوريين لا يعتقدون أن غزو مبنى الكابيتول، وهو الغزو الذي كان يهدف صراحة إلى منع الكونغرس من التصديق على نتيجة الانتخابات، كان هجوما على الديمقراطية.
إن الديمقراطية تعتمد على ضبط النفس من الرابحين وموافقة الخاسرين، وإن معظم أعضاء الكونغرس الجمهوريين يفهمون هذا في أعماقهم، لكن عاما من الاضطرار إلى الحفاظ على موقفهم في العلن قد أدى إلى انحراف بوصلاتهم الأخلاقية.
وهناك العديد من الأمثلة على ذلك، ومنها قرار ريتشارد نيكسون في 1961 بالتصديق على نتيجة الانتخابات وفوز جون كينيدي رغم وجود دليل موثوق على تزوير في الأصوات.
فقدان أعظم قوة لأميركا
إن هذا السلوك كان يمثل أعظم قوة لأميركا، الأمر الذي جعل كثيرا من الدول تقلد الولايات المتحدة وتتحول من الفاشية إلى الديمقراطية في عام 1945، وفي عام 1989 عندما تخلصت دول أوروبا الشرقية من الاحتلال السوفياتي.
يمكننا القول إن الديمقراطيين من كوبا إلى كازاخستان اعتادوا وضع الولايات المتحدة في أذهانهم عندما يحتجّون على الدكتاتورية، أما الآن فإن قادتهم المستبدين هم الذين يشيرون بسرور إلى المثال الأميركي كمبرر لحكمهم التعسفي.
ترجمة: الجزيرة