الرئيسية / مقالات رأي / السودان وحتمية الحوار

السودان وحتمية الحوار

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – استباقاً للاجتماع غير الرسمي لمجلس الأمن، بعد غد الأربعاء، لبحث تطورات الوضع السوداني، رغم عدم توقع صدور بيان مشترك عن الاجتماع، فقد أطلقت الأمم المتحدة في أعقاب الاتصال الهاتفي الذي أجراه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، مبادرة لإطلاق «مشاورات سياسية أولية»، على أن يقوم ممثل الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرثس، بدعوة «كل أصحاب المصلحة، من المدنيين والعسكريين، بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة»، بهدف التوصل إلى اتفاق للخروج من الأزمة السياسية الحالية التي نجمت عن الإجراءات التي اتخذها العسكر في 25 أكتوبر/ تشرين الأول، بإقالة حكومة عبدالله حمدوك، وما أدت إليه من اضطرابات وتظاهرات وسقوط ضحايا مدنيين.

المبادرة الأممية الجديدة لاقت ترحيباً من الرباعية الدولية للسودان (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا)، إضافة إلى الجامعة العربية، داعية جميع الأطراف السودانية إلى «اغتنام الفرصة لاستعادة انتقال البلاد إلى الديمقراطية المدنية، بما يتماشى مع الوثيقة الدستورية لعام 2019».

ويواجه السودان مأزقاً سياسياً حقيقياً خصوصاً بعد إهدار فرصة عودة حمدوك عن استقالته، ثم قراره بالتخلي عن المنصب، الأسبوع الماضي، بعدما أكد أنه حاول إيجاد توافقات لكنه فشل، وحذّر من أن «البلاد تواجه منعطفاً خطيراً قد يهدد بقاءها»، وأنه كان يسعى إلى «تجنب انزلاق السودان نحو الهاوية».

هناك انعدام ثقة مطلقة بين المكونين، العسكري والسياسي، اللذين قادا الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019، جراء ممارسات اعتبرت إخلالاً بمضمون الوثيقة الدستورية، وما أدت إليه بعد ذلك من تظاهرات ومواجهات دامية، وبالتالي انسداد أفق الحل السياسي، ما وضع السودان أمام المجهول.

ولعل الأمم المتحدة، ومن منطلق دورها في حماية الأمن والسلم الدوليين، نظراً لخطورة الوضع في السودان وتأثيره في دول الجوار، ومجمل القارة الإفريقية، تستطيع من خلال مبادرتها الجديدة بإطلاق حوار بين مختلف المكونات السودانية، أن توفر أرضية مناسبة وضرورية لحماية السودان والحؤول دون سقوطه في براثن الفوضى، خصوصاً أن أسباب الاستقرار غير متوفرة بعد، والاتفاقات التي أبرمت بين السلطات السودانية والجماعات المسلحة في مختلف المناطق ما زالت هشّة.

إن الوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في الرابع من شهر أغسطس/ آب 2019 بشأن تقاسم السلطة بين المجلس العسكري والمعارضة المدنية ممثلة في قوى «الحرية والتغيير» تتضمن الحل المنشود، والعودة إليها من خلال الحوار تمثل خشبة الخلاص للسودان لأنها تشكل مرحلة جديدة من المفروض أن تحقق عملية الانتقال إلى الحكم المدني، على أن تستمر المرحلة الانتقالية 39 شهراً من تاريخ التوقيع عليها، وعلى أن تجري الانتخابات في نهايتها.

لا بد من الحوار، وتقديم تنازلات متبادلة مع التمسك بمضامين الوثيقة من أجل قيام السودان الديمقراطي المأمول.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …