الشرق اليوم- تحاول روسيا استغلال الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها كازاخستان؛ لإعادة تأكيد نفوذها في الدولة السوفيتية السابقة من خلال إرسال قوات لمحاولة إخماد تلك التظاهرات.
وتقول صحيفة ” The New York Times”: إن فرض موسكو لنفوذها في ذلك البلد هو هدف بعيد المدى للرئيس الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، برغم أن الاضطرابات في كازاخستان كشفت مرة أخرى ضعف القادة الذين وثق بهم الكرملين في الحفاظ على النظام في دول الاتحاد السوفياتي السابق.
وبعد أيام من الاضطرابات العنيفة في الجمهورية السوفيتية الواقعة بآسيا الوسطى، أعلنت منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، الخميس، أنّها سترسل إلى كازاخستان “قوات حفظ سلام” تلبية لطلب وجّهه إليها رئيس البلد الغارق في احتجاجات شعبية استدعت فرض حالة طوارئ.
والخميس، حذرت الولايات المتحدة القوات الروسية التي نشرت في كازاخستان من السيطرة على مؤسسات كازاخستان، مشيرة إلى أن “العالم سيراقب” أي انتهاك لحقوق الإنسان.
وأفاد الناطق باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الصحافيين أن “الولايات المتحدة، وبصراحة كل العالم، سيراقب للكشف عن أي انتهاك لحقوق الإنسان”، مضيفا “سنراقب أيضا للكشف عن أي خطوات قد تمهد للسيطرة على مؤسسات كازاخستان”.
وقال القائم بأعمال مدير الدراسات الدولية بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، مكسيم سوشكوف، إن المشهد في بلد مثل كازاخستان “يبدو كبيرًا وعنيفا”، حيث كان وقوعه بحالة من الفوضى بهذه السرعة بمثابة صدمة.
وأضاف أن هذه الاحتجاجات أظهرت أنه حال حدوث أزمة داخلية تلجأ الدول السوفياتية السابقة إلى روسيا رغم محاولتها تحقيق التوازن بين الشرق والغرب باستثناء أوكرانيا.
وأشار سوشكوف إلى أن القوات الروسية نادرا ما تعود إلى بلادها بمجرد وصولها، موضحا أن الاضطرابات الأخيرة يمكن اعتبارها “أزمة خطيرة تحاول موسكو تحويلها لفرصة لفرض نفوذها”.
ومع ذلك، يتساءل الكثيرون عن عدد الاضطرابات التي يمكن أن تندلع حول حدود روسيا ومدى إمكانية اندلاع احتجاجات مماثلة داخل أراضيها.
قال سكوت هورتون، محاضر القانون في جامعة كولومبيا الذي قدم المشورة للمسؤولين في كازاخستان ودول آسيا الوسطى الأخرى على مدى عقدين من الزمن: “إذا حدث شيء من هذا القبيل في كازاخستان، فيمكن أن يحدث بالتأكيد في روسيا أيضا”.
ويرى محللون آخرون أنه بقدر ما يسعد بوتين بالاضطرابات في أوروبا والولايات المتحدة كدليل على فشل الديمقراطية، فإنه لا يستمتع كثيرا بالاضطراب بالقرب من روسيا، بغض النظر عن الفرص قصيرة المدى لفرض النفوذ.
وبعد أن عرض في أغسطس 2020 تقديم ما أسماه “مساعدة شاملة” لمساعدة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، لوقف موجة من الاحتجاجات الضخمة، أرسل بوتين بعد ذلك “قوات حفظ السلام” لوقف الحرب الشرسة على الأراضي المتنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان.
ونشرت روسيا أكثر من 100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا للضغط على كييف للتوقف عن مغازلتها لحلف الناتو.
كان من بين الجنود الذين تم إرسالهم إلى كازاخستان أعضاء من اللواء 45، أو النخبة “سبيتسناز” (القوة الخاصة)، وهي وحدة سيئة السمعة لعملياتها في الحربين الأولى والثانية في الشيشان، التي كانت مضطربة ولكن جرى إخماد ثورتها بوحشية.
كان اللواء 45 نشطا أيضا في أوسيتيا الجنوبية، وهي منطقة في جورجيا كانت مركز حرب تلك الدولة مع روسيا عام 2008، وفي شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا عام 2014، وفي سوريا أيضا.
إن مدى مساهمة هذا الدور الحازم يجسد هدف بوتين الطويل الأمد المتمثل في استعادة الهيمنة الروسية على جزء كبير من المجال السوفيتي السابق، وفقا للصحيفة.
وقال أستاذ العلوم السياسية بكلية بارنارد بجامعة كولومبيا، ألكسندر كولي: إنه من غير المرجح أن تطالب روسيا بتنازلات فورية من الرئيس الكازخستاني قاسم جومارت توكاييف، لكنها اكتسبت نفوذا قويا، مما يقلل من جهود كازاخستان السابقة لتحقيق التوزان في علاقاتها بين موسكو وواشنطن.
وتقول السلطات الكازاخستانية: إن العشرات من المتظاهرين قتلوا في الاضطرابات حتى الآن وأصيب عدد أكبر، وأن 18 شرطيا قد لقوا حتفهم.
وأصبح توكاييف، الذي تولى منصب الرئيس عام 2019 خلفا لنور سلطان نزارباييف، مدينا لروسيا لدعمها في قمع المحتجين وعزل نزارباييف الرجل القوي الذي لا يزال يتمتع بنفوذ، من منصبه الأخير كرئيس لمجلس الأمن القومي، الأربعاء.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه المساعدة نادرا ما يتم تقديمها مجانا.
المصدر: الحرة