بقلم: علي محمد الحازمي – عكاظ السعودية
الشرق اليوم- التأثر بالثقافة الكورية الجنوبية أو ما يعرف «بالموجة الكورية» أصبح واضحاً للجميع، ومن الملاحظ أنها تسير بسرعة جنونية خاصة خلال الأعوام العشرة الماضية، وأصبحت واحدة من أسرع الثقافات انتشار عالمياً. لوقت قصير لم يكن أحد يعرف شيئاً عن ثقافة هذه الدولة، واليوم الكثير من الجيل الجديد يريد تعلّم اللغة الكورية. سأحاول أن أجيب بالأرقام عن كيفية انعكاس هذا الانتشار الثقافي العالمي على الاقتصاد الكوري، ولكن قبل الخوض في الأرقام الاقتصادية علينا أن نعرف ماذا عملت الحكومة الكورية لتصل إلى هذا الجمهور الكبير في جميع أنحاء العالم؟ وهي ظاهرة تستحق الدراسة لما لها من تأثير ملاحظ وخاصة على النشء الجديد.
أسباب عدة ساهمت في انتشار الثقافة الكورية الجنوبية عالمياً، حيث إن القوة الثقافية المتنامية لكوريا الجنوبية لم تحدث بين عشية وضحاها، إذ بدأ العمل عليها منذ منتصف التسعينيات وبذلت الحكومة الكورية جهداً لجعل الصناعات الثقافية جزءاً من الاقتصاد الوطني.
أولاً: ذهبت الحكومة الكورية إلى علاماتها التجارية المعروفة عالمياً التي ساعدت الحكومة في إنشائها مثل سامسونج وهونداي، وطلبت منها المساعدة في تمويل صناعة الثقافة الكورية عالمياً، وأقنعتها أن انتشار الثقافة الكورية عالمياً سيعود عليها بالنفع وستستفيد كل المكونات الاقتصادية.
ثانياً: في مطلع هذا القرن رفعت الحكومة الكورية الحظر الذي استمر 50 عاماً على تبادل الثقافة الشعبية بين كوريا واليابان جُزْئِيّاً، مما أدى إلى زيادة انتشار الثقافة الشعبية الكورية بين اليابانيين.
ثالثاً: قامت وزارة الثقافة والإعلام الكورية بحملة دعائية عالمية، وذلك من خلال إرسال مندوبين للترويج لبرامجها التلفزيونية ومحتوياتها الثقافية في العديد من البلدان.
رابعاً: قامت الحكومة الكورية بتخفيف الرقابة ودعم صانعي الأفلام المستقلين، مما أدى إلى زيادة إنتاج الأفلام وكذلك استيرادها؛ لذا بدأت الأفلام الكورية في الوصول إلى الجماهير العالمية وتحقيق العديد من الجوائز الدولية.
خامساً: زادت الحكومة الكورية الجنوبية من ميزانية البحث والتطوير في التصميم والإنتاج والجودة الشاملة.
أثرت محتويات الموجة الكورية بشكل إيجابي على تحسين صورة كوريا عالمياً. وهذا مرتبط بتأثير وسائل الإعلام وقد حددت بعض الدراسات دور وسائل الإعلام كعامل رئيسي يؤثر على رأي الأجانب في الثقافة الكورية. إضافة لذلك تعتبر الموجة الكورية عاملاً أساسياً لتحفيز السياح على زيارة كوريا، حيث ازداد عدد السياح الأجانب الذين يزورون كوريا بشكل تدريجي بسبب الموجة الكورية أو ما يسمى بتصدير الثقافة الكورية، حيث كان الدخل السياحي لكوريا عبر الموجة الكورية في عام 2021 مرتفعاً بلغ 1.6 مليار دولار. علاوة على ذلك ارتفعت الصادرات الثقافية لكوريا من 2.3 مليار دولار في العام 2008 إلى قرابة 13 مليار دولار في العام 2021 أي بزيادة أكثر من 465 %. وحده فريق البوب الكوري «BTS» ساهم بأكثر من 35 % من إجمالي الصادرات الثقافية. حسب إحصائيات وزارة الثقافة والرياضة والسياحة الكورية 60 % من إجمالي دخل السياحة الكورية كانت بسبب الانتشار الثقافي أو ما يعرف بالموجة الكورية. باختصار تؤمن الحكومة الكورية أن التأثير المتزايد لقوتها الثقافية لا يقدر بثمن.