الرئيسية / مقالات رأي / عالم بلا سلاح نووي

عالم بلا سلاح نووي

بقلم: يونس السيد – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – تكمن أهمية البيان الذي صدر عن الخمسة الكبار حول السلاح النووي، في توقيته الذي يتزامن مع ظروف دولية شديدة التوتر وبالغة الحساسية والحرج، وفي الرسائل التي يحملها، ليس فقط إزاء تأكيد المؤكد، لدرء المخاطر الاستراتيجية، وإنما أيضاً لكبح جماح الدول الطامحة في إنتاج أو الحصول على هذا السلاح الذي يهدد البشرية.

يأتي هذا البيان استباقاً للمؤتمر العاشر لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المقرر انعقاده أواخر الشهر الحالي، بعد تأجيل لعامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا، لكنه أيضاً يأتي في ظل تصاعد التهديدات والتحذيرات المتبادلة بين الدول الكبرى والمخاوف من اندلاع حرب فيما بينها، سواء على الصعيد الثنائي بسبب الاقتصاد والتجارة والصراعات الجيوسياسية، أو بسبب اندلاعها على خلفية الصراعات الإقليمية، كما في أوكرانيا مثلاً، وتزايد الاستقطاب والاستقطاب المضاد الذي يزيد من مخاطر الانفجار وامتداده إلى حرب شاملة. 

ومن هذا المنطلق، يأتي البيان الذي جاء بمبادرة فرنسية، ووقعته روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين، بهدف خفض التوتر الذي بات ضرورة لكل الدول بلا استثناء، والتمهيد لعقد المؤتمر الخاص بمعاهدة عدم الانتشار النووي التي دخلت حيز التنفيذ عام 1971، وضمت 191 دولة آنذاك، والذي سيناقش ثلاثة محاور: «نزع السلاح النووي والحد من انتشاره والاستخدام السلمي للذرة». ونظراً للظروف الدولية المُلحة، فقد أكد البيان أن «المسؤولية الأولى للدول الموقعة تكمن في تجنب وقوع حرب بين الدول التي تمتلك الأسلحة النووية وخفض المخاطر الاستراتيجية». كما تعهدت الدول الخمس بالعمل على «منع انتشار» الأسلحة النووية، ومواصلة «الحوار البنّاء» لنزع السلاح النووي وصولاً إلى الهدف النهائي في قيام عالم خالٍ من الأسلحة النووية، والتوجه للاستخدام السلمي للذرة، مع الاعتراف المتبادل بالمصالح الأمنية للدول. 

هذه المقاربات التي وردت في البيان، الذي اعتبرت موسكو أنه «يمكن أن يساعد في خفض التوتر في العالم»، ورأت بكين أنه «سيساعد في زيادة الثقة المتبادلة بين القوى الكبرى بالتنسيق والتعاون»، من المؤكد أنها تنسحب على الدول الخمس الكبرى، لقناعتها التامة بأن «الانتصار في حرب نووية غير ممكن، ويتعين ألا تندلع هذه الحرب أبداً»، وبالتالي لا خيار أمام الجميع سوى الذهاب إلى مقاربات دبلوماسية ثنائية وجماعية، لتجنب المواجهات العسكرية، وتعزيز الاستقرار الإستراتيجي، كما في المحادثات الجارية بين واشنطن وموسكو، التي بدأت خلال قمة بايدن وبوتين في جنيف في يونيو/ حزيران الماضي، والتي يمكن اعتبار المحادثات المرتقبة الأمريكية الروسية، والروسية الأوروبية ومع حلف «الناتو» بدءاً من العاشر من يناير/ كانون الثاني الحالي، على خلفية الأزمة الأوكرانية والمطالب الروسية بعدم توسع «الناتو» شرقاً، استكمالاً لها. وما تحذير بوتين من أن عدم الأخذ بمطالبه بشأن المصالح الاستراتيجية لروسيا والتلويح بـ«أعمال عسكرية وتقنية»، والتحذيرات الأمريكية المقابلة سوى دليل على خطورة الوضع الدولي، وهو جرس إنذار ينبغي أن يدفع الجميع إلى الحوار، وخفض التوتر وصولاً إلى مقاربات مشتركة، ربما بات العالم بأسره بحاجة ماسة إليها.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …