بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – غاب الحديث عن أفغانستان بعد أن تصدّرت أخباره صفحات الصحف ووكالات الأنباء العالمية، وبعد أن كان الخبر الأول في المحطات الإخبارية، حتى أتَمّت الولايات المتحدة انسحاب قواتها والمتعاونين معها، فلم تعد هناك أي أخبار تُذكر عن البلد والبشر إلا أخبار العمليات الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش (فرع خراسان) في طول البلاد وعرضها.
لقد أقدم «داعش» على عشرات العمليات الإرهابية منذ وصول حركة طالبان إلى الحكم في شهر أغسطس الماضي، واستهدف مطار كابول ومستشفيات وقوات «طالبان» بجانب طائفة الهزارة الشيعية ومساجدها، وخلّف مئات القتلى والمصابين من كل فئات الشعب.
وبحسب بعض تقديرات الأمم المتحدة، يضم تنظيم «داعش ولاية خراسان» ما بين 600 إلى ألف مقاتل في شمال أفغانستان وشرقها، بمَن فيهم خلايا نائمة في كابول.
وفق تقرير نشرته صحيفة «الشرق الأوسط»، في شهر نوفمبر الماضي، جاء فيه: «يُعتقد أن تنظيم ولاية خراسان يقوده منذ عام 2020 (شهاب المهاجر)، الذي يوحي اسمه الحركي بأنه من أصول عربية».
ورغم أن البيئة الحاضنة لتنظيم داعش تظل محدودة وغير واسعة، فإن هناك خطر انضمام بعض الجنود السابقين إلى تنظيم الدولة لأن الحكومة الجديدة لم تستوعبهم في جيشها ومؤسساتها الأمنية الجديدة، مثلما جرى في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين، خاصة أن هناك بعض التقديرات التي أكدت أن التنظيم يتواصل مع القوات الخاصة في الجيش الأفغاني لإقناع عناصرها بالانضمام إليه، وهذا تطور خطير، قد يدفع الحركة إلى مراجعة حساباتها فيما يتعلق ببعض عناصر الجيش القديم.
صحيح أن المؤشرات الحالية تقول إن عدد المنضمين إلى تنظيم الدولة صغير، لكنه مرشح للتزايد، خاصة إذا قام هؤلاء الجنود السابقون بنقل خبراتهم القتالية إلى التنظيم الإرهابي.
صحيح أن هناك اهتمامًا عالميًا بقضايا المرأة بجانب قضايا الإرهاب، ولكن هناك نسيانًا لقضايا الشعب والناس أنفسهم، وهو أمر لافت ومؤسف أن يختزل الإعلام العالمي بلدًا بحجم وتاريخ أفغانستان في غزو أمريكا وانسحابها أو في العمليات الإرهابية أو بعض الاحتجاجات النسوية أو في رفض حكم طالبان الذي تراجع حديث العالم عنه.
في المقابل، هناك أزمة غذاء عنيفة قد تُعرِّض البلاد لمجاعة كبرى، وهناك أزمة اقتصادية خانقة وعجز في دفع رواتب موظفي الدولة، وهناك مشكلة إعادة دمج العناصر التي عملت في أجهزة النظام السابق دون أن تحمل السلاح فى مواجهة طالبان، فكثير من هؤلاء لو أرادت «طالبان» أن تستوعبهم في مؤسساتها الجديدة، فلن تستطيع أن تدفع لهم رواتبهم في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
لا يمكن أن يتم نسيان بلد بأكمله لأن أمريكا انسحبت منه، وكأنها كانت تحتل صحراء جرداء وليس بلدًا وشعبًا من حقه أن يعيش مثل باقي شعوب الأرض مهما كان حجم الاعتراض على حركة طالبان.