بقلم: أسعد عبود – النهار العربي
الشرق اليوم – من أوكرانيا إلى تايوان إلى إيران وكوريا الشمالية، كلها قضايا ساخنة يمكن أن تتسبّب بنشوب نزاعات مسلحة عام 2022 في حال لم تجد معالجات على مستوى القوى العظمى لا سيما بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية.
فهذه الملفات تنطوي كلها على عوامل تفجير يمكن أن تقود إلى حروب، نتيجة خطأ في الحسابات أو ربما تقود إليها المصادفة. وتهدد أوكرانيا في حال اشتعال الجبهة بجر روسيا وحلف شمال الأطلسي إلى مواجهة مباشرة، ستكون الأولى من نوعها منذ إنتهاء الحرب الباردة قبل أكثر من 30 عاماً. ويتوقف خفض التصعيد في هذا الملف، على الحوار الذي ستبدأه واشنطن وموسكو في جنيف الشهر المقبل، وكذلك على اجتماع بين الأطلسي وروسيا ومن ثم اجتماع آخر يعقد في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي المنظمة الموروثة من أيام الحرب الباردة، وكانت تضطلع بدور مهم في الحفاظ على التواصل بين الغرب والاتحاد السوفياتي السابق في ذروة الأزمات بين الجانبين.
كذلك تؤدي الاتصالات الهاتفية بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، دوراً أساسياً في تهدئة التوترات، وإن كان حوارهما يتسم في الكثير من المرات برسم الخطوط الحمر من الجانبين.
والاتفاق النووي الإيراني بدوره من الملفات الساخنة. وفي حال أخفقت مفاوضات فيينا، فإن الولايات المتحدة، ستكون مجبرة على سلوك طريق البحث عن بدائل ترغم فيها إيران على تقديم تنازلات. وهذه البدائل وإن كانت تركز في الأساس على البحث في تشديد العقوبات، فإن العمل العسكري مطروح على الطاولة. ومعلوم أن إسرائيل تدفع في اتجاه استخدام القوة، وسيلة لمنع إيران من حيازة السلاح النووي. وفي المقابل، فإن إيران بدورها ستحاول في حال فشل مفاوضات فيينا، تسريع برنامجها النووي في محاولة للحصول على مواد إنشطارية تكفي لصنع قنبلة. ومن هنا يخوض الجانبان الأميركي والإيراني سباقاً مع الوقت.
لا تقل تايوان خطورة عن أوكرانيا وإيران. ويكرر المسؤولون الأميركيون عزمهم على الدفاع عن الجزيرة في مواجهة التهديدات الصينية بالضم. وتقع تايوان في قلب الإستراتيجية الأميركية للتصدي للنفوذ الصيني في المحيطين الهادئ والهندي. وكثرت في الأشهر الأخيرة زيارات المسؤولين الأميركيين إلى تايبيه، في رسالة ذات مغزى إلى بكين كي لا تتهور وتقدم على غزو الجزيرة. وتعتبر الأحلاف التي تنشئها أميركا مع الهند وأستراليا واليابان وحتى مع الفليبين، وتمركز نصف حاملات الطائرات الأميركية في المنطقة، بمثابة رسالة ردع للصين.
ولا تقف بكين مكتوفة إزاء تزايد التهديدات والحشود الأميركية، إذ تواصل الصين انتهاكاتها لأجواء تايوان بطلعات مكثفة لمقاتلاتها، بينما تعزز من وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي، الذي يحتوي على جزر متنازع عليها مع اليابان والفلبين.
وتبقى كوريا الشمالية إحدى القضايا الأكثر إلحاحاً على جدول الأزمات الدولية منذ الحرب الباردة. وفي غياب أي تواصل أميركي – كوري شمالي، وفي ظل التوتر الأميركي مع الصين، فإن المسألة الكورية، تعتبر ملفاً متفجراً قد يؤدي إلى نشوب حرب في أي لحظة.
وفي وقت تواصل كوريا الشمالية بناء قوتها النووية والصاروخية البالستية، ومع وجود أكثر من 36 ألف جندي أميركي في كوريا الجنوبية، فإن شبه الجزيرة الكورية تبقى لغماً قابلاً للانفجار في أي وقت.
وعليه، فإن أياً من القضايا الآنفة الذكر قد تتحول عام 2022، إلى أزمة مفتوحة، تهدد السلام والأمن الدوليين. ولذا، فإن المطلوب من واشنطن وموسكو وبكين الدخول في حوار يمهّد لخفض التصعيد وينزع عوامل التفجير منها.