بقلم: علي قباجه – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – رغم حالة الانهيار السياسي عقب خروج القوات الأجنبية من أفغانستان في أغسطس/آب الماضي، وسيطرة حركة «طالبان» على البلاد، وإنشاء حكومة تابعة لها، وما تسبّب فيه ذلك من ارتدادات سلبية على المستويات كافة، إلا أن التحدي الاقتصادي كان له تأثيره البالغ على البلاد، مع ارتفاع نسب البطالة إلى مستويات قياسية وانتشار الجوع، ودخول معظم الأفغان في خانة الفقر المدقع، وانعدام ظروف الحياة الأساسية، من مأكل ومسكن آمن؛ بسبب تشرد مئات الآلاف، ونزوحهم من مناطق القتال، إضافة إلى انعدام البنى التحتية الطبية، ما انعكس على ضعف مواجهة فيروس «كورونا» ومتحوراته.
ليس هناك تقارير متفائلة حول الأوضاع في أفغانستان، فأخفها وطأة يشير إلى أن البلاد مقبلة في الوقت القريب على مجاعة كبيرة، لن ترحم الأفغان الذين ذاقوا ويلات الحروب على مدى عقود، في ظل حكومة تديرها «طالبان» لا تحوز على ثقة الغرب واعترافه، ما يعني أن الشعب سيبقى محروماً من المساعدات على نطاق واسع، ولن تكون هناك خطط منهجية في التعامل مع هذه الأزمة المحدقة.
ورغم أن مؤتمر المانحين لدعم أفغانستان، الذي عقد في سبتمبر/أيلول الماضي، استطاع تحقيق بعض الشيء عبر جمعه أكثر من مليار دولار لتجنب أزمة في الغذاء وانهيار الخدمات العامة، إلا أن ذلك يعدّ غير كافٍ؛ لأن البلاد بحاجة إلى خطط إنعاش كبرى، ودعم متواصل، ليتم التغلب على ندرة الغذاء بشكل كبير. فالمؤتمر رغم أهميته إلا أنه يعالج مشكلة لحظية، ولكن لا يقدم حلولاً على المديين المتوسط والبعيد، في ظل ضبابية المشهد في البلاد.
فوفقاً لتحليلات برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، يمكن أن يتسبب تراجع الناتج الإجمالي المحلي في أفغانستان بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 13%، في وصول البلاد إلى حافة هاوية فقر واسع النطاق قد يصل إلى نسبة تبلغ 97% – بينما حذرت ممثلة برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، ماري إيلين ماكغرارتي، من أن انهيار الاقتصاد الأفغاني قد يكون في غضون أسابيع معدودة، واعتبرت أن تدهور الأوضاع تسبّب بزيادة عدد النازحين في الأشهر الأخيرة لأكثر من نصف مليون شخص، في حين أن التغير المناخي وتأثيراته بما فيها الجفاف الحاد للمرة الثانية خلال أقل من أربع سنوات، فضلاً عن جائحة «كورونا»، وتجميد الأموال الأفغانية وتدهور قيمة العملة المحلية، قد تزيد من المنزلق العميق الذي تسير إليه البلاد.
وثمة تقارير تشير إلى أن نحو 14 مليون أفغاني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن هناك قرابة مليوني طفل معرضون لخطر سوء التغذية. ومن المتوقع أن يواجه 22.8 مليون شخص مستويات تهدد الحياة من انعدام الأمن الغذائي، ومن بينهم 8.7 مليون شخص على وشك الوقوع في دائرة خطر المجاعة، وهي أسوأ مرحلة في أزمة الغذاء.
هذه المعطيات تؤكد أن البلاد بحاجة إلى تكاتف دولي لحماية الشعب من انهيار خطِر، فإذا كان للمجتمع الدولي مشكلة مع «طالبان» فإن الأفغان لا ذنب لهم، وينتظرون العالم لإنقاذهم من براثن الموت.