الشرق اليوم- يمتد خط أنابيب “نورد ستريم 2” الذي يحمل الغاز الطبيعي عبر 1200 كيلومترا من أوستلغا الروسية، عبر بحر البلطيق، وإلى غريفستوالد الألمانية.
وبحسب موقع شركة غاز بروم، يستطيع الخط نقل 55 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، امتلأ بالدفعة الأولى منها – وفقا لتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، وهو في انتظار موافقة فنية ألمانية للبدء في العمل.
وقال بوتين في اجتماع عبر الفيديو مع أعضاء في حكومته، إن “خط الأنابيب الجديد إلى ألمانيا قد امتلأ بالكامل بالغاز الطبيعي”، مضيفا أن تشغيله “يمكن أن يساعد بسرعة خفض أسعار الطاقة الأوروبية المرتفعة”.
نظريا، يبدو كلام بوتين معقولا، لكن جهوزية الخط أتت في توقيت يمكن وصفه بالمعقد على أقل تقدير، إذ أنه جاء بعد أسابيع من التراشق بالتصريحات بين روسيا من جهة، وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى، على خلفية التصعيد الروسي على الحدود الأوكرانية.
ولا تزال أوروبا حتى الآن قلقة من اجتياح روسي محتمل للحدود، قد يدفع التوتر نحو نزاع أوربي، او حتى عالمي مسلح.
ورغم أن مسألة اعتماد الخط للعمل هي مسألة فنية في الأساس، لكن السياسة قد تكون حاضرة فعلا، إذ أن الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوغ راسموسن، قال قبل فترة، إن وقف خط الأنابيب يمكن أن يكون “أداة قوية لجعل بوتين يدرك أننا بحاجة إلى حل سياسي للمشاكل في أوكرانيا”.
مواصفات الخط
بحسب شركة غاز بروم الروسية يضاعف الخط قدرة تصدير الغاز الروسية إلى أوروبا إلى 110 مليار متر مكعب، وهي كمية تحتاجها القارة التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة.
وخلال السنوات الماضية، كانت ألمانيا، التي ينتهي الخط في أراضيها، أكبر مشتر للغاز الروسي، وهي تريد المزيد.
وقال بوتين خلال اجتماعه، الذي ضم مسؤولين في الطاقة “سيشعر بانخفاض الأسعار على الفور المستهلكون في الدول التي تستخدم الغاز الروسي”، فيما يبدو محاولة روسية للدفع باتجاه سرعة اعتماد الخط.
في المقابل، تقول وكالة رويترز، إن منتقدي خط الأنابيب في الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا يقولون إنه سيزيد من نفوذ روسيا على أوروبا، ويضع دول الاتحاد الأوروبي (ضد بعضها البعض) لأن مروره عبر البحر يحرم أوكرانيا من تقاضي عائدات عبوره في أراضيها.
وقالت الوكالة إن واشنطن ذكرت الخط عدة مرات، في معرض انتقاداتها للتحرك الروسي ضد أوكرانيا.
وتقول روسيا إن مرور الخط عبر البحر يساهم في توفير المليارات، وبالتالي يساهم في خفض أسعار الطاقة.
خيارات أخرى
ولا تبدو روسيا راغبة في التفكير حتى في احتمال عدم منح الخط الذي صرف عليه 11 مليار دولار، شهادة اعتماد فنية.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، الأربعاء، إن “روسيا تعتقد أن خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 سيحصل على الشهادة اللازمة وسيبدأ العمل في نهاية المطاف”.
وأضاف نوفاك، لقناة “آر بي سي”، بحسب ما نقلته مجلة نيوزويك الأميركية، أن الجهود المبذولة لوقف خط الأنابيب لن تنجح، وأضاف “نعتقد أنه لا يمكن تعطيل هذا المشروع”.
وقال الرئيس التنفيذى لشركة الطاقة الحكومية الأوكرانية نافتوغاز الشهر الماضي إنه يأمل فى ألا يتم تشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 ، قائلا إنه لا يمتثل للقانون الأوروبي”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت روسيا لديها “خطة بديلة” في حال لم يتم اعتماد نورد ستريم 2، قال نائب رئيس الوزراء الروسي “نحن لا ننظر في مثل هذه الخيارات ونعتقد أنها ستطلق وفقا للتوقيت المحدد للحصول على شهادة”، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
وقال إن روسيا تأمل فى ألا يتم طرح متطلبات جديدة للمشروع.
كما قال نوفاك إن روسيا مستعدة لزيادة صادرات الغاز إلى أوروبا، التي شهدت ارتفاعا حادا في أسعار الغاز وسط ارتفاع الطلب ونقص الإمدادات، ولكن بموجب عقود طويلة الأجل – وهو الترتيب الذي تتجنبه الشركات الأوروبية التي ترغب في عقد صفقات فورية قصيرة الأجل، كما تقول واشنطن بوست.
وتقول صحيفة نيوزويك إن المنظمين الألمان قالوا في وقت سابق من هذا الشهر إن قرارهم لن يتم اتخاذه على الأرجح في النصف الأول من عام 2022.
وتحاول روسيا استخدام “مصالح المستهلك الأوروبي” كأداة ضغط على السلطات في القارة.
ونقلت نيوزويك عن سفير روسيا في ألمانيا، سيرغي نيتشاييف، قوله، الثلاثاء، إن “لا أحد يريد تأخير تكليف خط الأنابيب بشكل مصطنع”.
ودعا نيتشايف الحكومة الألمانية الجديدة إلى التصرف “بطريقة براغماتية ولصالح المستهلكين”.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن نيتشايف قوله “أسمع من الحكومة الفيدرالية الجديدة أن هذا مشروع للقطاع الخاص لا ينبغي ربطه بالسياسة”.
وحذر مسؤولون روس، من أن “المستهلكين الأوروبيين فقط هم من سيعانون من التأخير في التصديق على نورد ستريم 2”.
وألقى بعضهم، بحسب نيوزويك، باللوم في التأخير المتكرر على “الروح الشعبوية” الأوروبية.
وتقول الصحيفة إن نورد ستريم 2 يسمح لروسيا بالتوقف عن استخدام خط أنابيب الغاز الطبيعي الحالي الذي يمر عبر أوكرانيا إلى أوروبا، مما قد يحرم كييف من رسوم عبور حوالي 3 مليارات دولار كل عام.
وعارضت الإدارات الأميركية المتعاقبة المشروع لكنها لم تتمكن من إقناع الحكومات الألمانية السابقة بالتخلي عن خط الأنابيب.
ووقعت الولايات المتحدة وألمانيا اتفاقية في وقت سابق من هذا العام تلتزمان فيها بالتحرك إذا استخدمت روسيا خط الأنابيب كسلاح سياسي.
المصدر: الحرة